د. ياسين سعيد نعمان يكتب:

خلافات النخب والزعامات تميت القضايا الشعبية

القضية السياسية التي تتحول من قضية شعبية إلى قضية نخبوية تموت وتتلاشى.

ما إن تبدأ النخب، التي تضع نفسها في الصدارة على نحو تحكمي، في المجادلة والثرثرة والرغي، وتبدأ في ارتياد المنتديات، والتنافس على ورش العمل وندوات البحث، وأضواء الفلاشات المخادعة حتى يبدأ تهجير هذه القضايا من الوسط الشعبي، الذي انبثقت منه وترعرت فيه، إلى مراكز البحث التي تتولى أضبرتها في ملفات وسيديهات للحفظ والعرض حسب الحاجة.

ما تحتاجه هذه القضايا هو زعامات قادرة على اتخاذ القرار من منظور المدرك الفعلي لنبالة القضية وعدالتها، متجاوزة الخلافات الكبيرة والصغيرة والحسابات التي تقود مع المدى إلى توسيع فجوة هذه الخلافات، والتصدي لمتطلبات القيادة بروح القائد وجدلية الباحث معاً.

في غمرة الأحداث وتعقيداتها لا تحتاج مثل هذه القضايا إلى ورش عمل، بقدر ما تحتاج إلى قيادات تتفوق على ما يختلج فيها من تناقضات وشكوك وعدم ثقة، قيادات قادرة على أن تنتزع بروح وثابة كل ما في جوفها من حب ووفاء لقضيتها، عندها فقط تستطيع أن تعيد بناء القضية في وسطها الشعبي حيث الكلمة الأولى والأخيرة للناس.