مصطفى منيغ يكتب لـ(اليوم الثامن):
المغرب في تاريخ اليهود نصيب/ 5
المستحيل حالة تُخْرِجُ المنطق من مفهوم وَضَعَهُ العقل للحد من قدرة الإنسان على تحمل ما يفوق طاقته ، ولا يبقى المستحيل مستحيلا حالما يتعرضُ نفس العقل لخلل يحرمه من أداء وظيفته بالشكل الطبيعي، فالمجنون لا يعرف المستحيل، كل شيء عنده جائر إذ عقله مصاب ، ومع ذلك في ليبيا المجنون له الحق في التعبير عن رأيه ، إذن العقل واللاعقل هناك متساويان في التصرف ممَّا يؤكد عبثية النظام الجاعل الإنسان لا يفرق بين الحدود والحقوق والواجبات ن مكتفيا بما يأخذ ليعيش، مثله مثل غيره دون اعتبار لمستوى التكوين الفكري لكل واحد ولا حتى النبوغ ، لذا الباب مفتوح لمن له القدرة على الإقناع ما دامت الدولة قائمة على من يثقن الثرثرة أكثر من العمل ، خاصة إن كانت حماسية تتخللها شعارات كل سطر فيها كلمة مدح للأخ العقيد، المؤيد دون شرط أو قيد .الشيء الذي سهَّل المأمورية على المخابرات الإسرائيلية للاستفادة ممَّا يُقال في الهواء الطلق ، وتحضير ما من شأنه زرع فتنة قائمة على مقاربة الوعود الممنوحة في مهرجانات التهريج التي برأسها القذافي بنفسه ، وعدم تطبيقها على أرض الواقع ، لتتراكم موجات الغضب الشعبي المُعطَّل انفجاره لغاية الانتهاء من ترتيبات تضمن عدم التراجع إلا بسحق ما بناه القذافي جملة وتفصيلا . إنها قطرة ممّا كنتُ أفكر فيه قبل اللقاء المرتقب واعتقدتُ ساعتها أن الأمر سأزداد به قناعة بعد نفس اللقاء اعتباراً لما جعلَ القذافي يتصور أي شيء إلا توقُّف نظامه بكيفية تجله رماداً يتلاعب بنثره صرصار فاق حجم ما سبب فيه من دمار كل تفكير في إعادة البناء من جديد باستقلالية الليبيين في قرارات مصيرهم بأنفسهم دون الرجوع لدول بما فيهم إسرائيل تكون قد استعمرتهم عن بُعد
...الفرصة ،ووصيفتها الأولى ، الصِّرفة، تتربع بين يدي مستغِلَّها وَصْفَة، لعلاج حرمانه باعتلاء مِنَصَّة ، يتسلَّمُ من فوقها شهادة الانتصار كاملة التنويه غير منقوصة، وما فيه من خلايا تصفق لتستريح من عناء صاحبها بعدما نال ثمرة اجتهاده الباقية في غصن متفرع عن دوحة لم تعد مرسومة في خيال بل ملموسة محسوسة على بداية الطريق بها كل الحقوق المعنوية منصوصة .
لا تَغُرَنَّك النهاية السعيدة إن نأت بك عن المطمح الرئيسي ، وجعلتك تغادر الأساسي ، ليصبح ما حققته بعد مرحلة جُلُّهُ مَنْسِي ، بتخطيط زارعي المآسي ، فوق حقل لا ينجح فيه إلا أكفأ الناس ، من أحبوا أوطانهم مثلي حب الجسد للنفس ، إسرائيل نفخنا فيها بما لم تعد تقدر حتى على التنفس ، وبدل أن نجعل منا في مستوى التنافس ، خدمناها بتكثيف الخوف منها وهي المرتعشة مَتَى ظَهَرْنا لها أُصيبت بالوسواس ، يُنَغِّصُ أكثرَ حياتها من أخمص قدميها إلى فروة الرأس ، ولول الخيانة وبيع الذمم لمن كان منا عربيا لكانت فلسطين ومن سنين تُزَفُّ للحرية كأشرف وأحلى وأبهى عروس ، إنها الحقيقة المرة التي طرقت عقلي جعلتني لمرحلة ولو قصيرة أستيقظ من نومي مذعورا بسبب كابوس ، قربتني المرأة ( اليهودية الإسرائيلية المنتسبة لمدينة القصر الكبير المغربية ) المختبئة كعميلة للمخابرات الإسرائيلية خلف وظيفة معيَّنة بذاك الفندق من صورة جعلتني أثق بصدقية الاستنتاج المدون في ذاكرتي حتى اللحظة، أن معاناة الفلسطينيين ،في نسبة كبيرة، تعود لبيع بعض العرب قضيتهم و بأببخس ثمن ، ولول تعقلي بعدم البوح بما عرفته لوجدتُ ملوك ورؤساء ست دول عربية بالشرق الأوسط وواحد منهم منتمي للمغرب العربي "القذافي" ، يستعجلون القضاء علىَّ ، والحكمة تقتضي أن أتريث حتى تتجلى الحقائق من تلقاء نفسها فتتخلص الشعوب العربية من عبودية لا معني لها لقادة هم أحن على إسرائيل الصهيونية وأكثر منها تحمسا للقضاء على فلسطين دفعة واحدة .
... المفروض أن أشكر "البهلولية" وقد علِمتُ (من سواها) بما دعاها التضحية بنفسها لأنجو من مكر نفس المخابرات وتقنياتها في تصفية المسجلين خطراً عليها ، وامتناعها المُطلق عن إبلاغي أي رسالة موجهة لشخصي عن طريقها، لكن وأمام إلحاح رؤسائها رشَّحت "القصرية" للقيام بهذه المهمة بعيدا عنها ، المهم أن لا أُصاب بمكروه مهما كانت درجة خطورته . ولقد اعترفت لي الأخيرة أنها لم تشاهد قط أمرأة تحب إنسانا أكثر مما تحبك "البهلولية "، لا أدري ما السر في ذلك ؟، حاولتُ بكل ما تدربتُ عليه لاستنباط أهم دافع يساعد على مسك رأس أي خيط يقربني فقط لمعرفة ولو الجزء البسيط من هذا الارتباط الذي وصل لجعلك ساكنا في باطن باطنها لتصاب أحيانا بنوبة ذكراك، فلا ترى أمامها سوى الهروب مما هي فيه لتلتحق فتراك، ولا يهمها بعد ذلك أن تُشنق أو تُصفي رميا بالرصاص . لقد كُلفتُ عزيزي مصطفى منيغ بإبلاغك رسالة ، وهي تمدها إليَّ ، طلبتُ منها أن تقرأها بصوت مسموع عن قصد فلبَّت مبتسمة :
"السيد مصطفى منيغ لا مانع عندنا الالتحاق بالسيدة (.....) للاستقرار كما يحلو لكما بدل ما تعيشانه من فراق يؤثر سلبا على ما تطمحان إليه من تكوين أسرة تتشرف إسرائيل باحتضانها بكل ما يتطلب ذلك من عناية ورعاية وضمانات مادية تليق بمستوياتكما معا .
ننتظر جوابك عن طريق السيدة ( .... ) التي أوصلتك هذه الرسالة. وإلى لقاء قريب " ، ما ردًّكَ يا عزيزي مصطفى ؟ .(يتبع)