مروان هائل يكتب لـ(اليوم الثامن):

الزواج الجماعي حل أم مشكله ؟

الزواج الجماعي فكرة جميلة وإنسانية ، لكنها تحمل بُعد متعدد الأهداف و متناقض القبول المجتمعي ، هو زواج قانوني تقليدي مع اختلاف أن العرس الجماعي هو زواج أكبر عدد ممكن من الشباب والفتيات في ليلة واحده ، في الغالب لا يعرفون بعضهم بعض يدخلون في اتحاد حر وطوعي بين الرجل والمرأة بهدف تكوين أسرة.

ظاهرة الزواج الجماعي في اليمن أخذه في الانتشار رغم الحرب و ازدياد الأوضاع الاقتصادية سوءاً ، لأنها تمثل للبعض حلاً عصرياً لمشكلة ارتفاع المهور وإيجار صالات الأفراح وستر للحرج عمن ضاق بهم الزمان ، ولكن تبقى لدى الكثير من المشاركين بعد تلك الحفلات الجماعية غصة في الروح و القلب ، بسبب عدم القدرة على توفير خصوصية الزواج العادي التقليدي لشخصين بين الأهل والأصدقاء و الجيران ، " الخصوصية " ، التي ترافق ذهن كل شخص في ليلة زواجه سوى رجل أو امرأة و تعطيه الإحساس بالفرح والتميز الطبيعي لأنها " ليلة العمر " .

الزواج الجماعي تتبناه وتموله جمعيات خيرية ومنظمات مدنية و ورجال أعمال وجهات حكومية خارجية وداخلية وجميعهم جزأهم الله ألف خير ومشكورين من القلب ، لان النية تتمثل في مساعدة الشباب على تجاوز عقبات الزواج التي ذكرتها في البداية ، ولكن يفضل أن تكون هذه الأعراس خفيفة التركيز على الحفل و ليلة الدخلة و شديدة الاهتمام بالحلول والخطط الاجتماعية المدروسة جيدا لما بعد العرس مثل السكن والعمل والتعليم ، حتى لا يتحول الزواج الجماعي إلى مجرد جنس وإنجاب الأطفال في أحواش المنازل أو في خيام اللجوء الداخلي دون مراعاة لما تمر به البلاد من حرب وخراب و ارتفاع في معدلات الطلاق و تكدس ألاف العاطلين عن العمل و انتشار ظاهرة الأطفال والمراهقين ألجهله في الشوارع و البيوت و في جبهات القتال ناهيك عن جيش كبير منهم بين المتسولين ومدمنين الحبوب المخدر والقات والشمه ، وأما من حالفة الحظ ودخل المدرسة فالكثير منهم يمتهن الغش من سنه أولى ابتدائي و لا يصل إلى الثانوية .

الزواج الجماعي في اغلب الحالات يخلق جو من عدم التفاهم على المدى القريب جدا في فترة ما بعد الزواج لدى بعض المشاركين فيه كنتيجة طبيعية لعدم معرفة الكثير منهم ببعضهم البعض اجتماعيا و بالأمراض التي يحملونها الجسدية والنفسية واختلاف الثقافات والقيم والتفكير ، كما أن الزواج الجماعي يدفع بالكثير من المشاركين فيه بعد أن يفتح الله عليهم " الرزق المالي " بإضافة الزوجة ثانية على الأولى كي يشعرون بنعمة الخصوصية وبليلة عمر بحق وحقيق بدلا عن تلك ، التي فقدوها في الزواج الجماعي .

يا حبذا لو أن القائمين على أعمال الخير في الزواج الجماعي أن يقوموا في البداية ببناء أو تأجير مساكن متواضعة أو بسيطة للشباب المشارك في الزواج الجماعي ومن نفقات الزواج ذاتها ، بمعنى أخر بدلا من التفاخر بتزويج 300 شخص بعدد ( كتيبة عسكرية ) ، يخفف العدد إلى 20 أو حتى 10 وبقية الصرفيات تذهب لتحسين ظروف الزوجين ( سكن ، عمل ، تعليم، مساعدات غذائية أو مالية شهرية ) ، لأن البلاد ألان والجنوب بالذات بحاجة إلى تنظيم الأسرة و إلى التخطيط العمراني والتعداد السكاني و أولهم مدينة عدن ، لأنها مكتظة بالناهبين والمشردين واللاجئين  ، وسطها وأطرافها محشوة بالبيوت الصغير المليئة بالأسر المستورة و بخيام العائلات النازحة وبداخل كل خيمة جيش من الأطفال الفقراء وأم أمية وأب عاطل عن العمل .

يا سادة بعيدا عن الشعارات التضليلية ، الزواج والأسرة مسؤولية إنسانية وأخلاقية كبيرة وقواعد سلوكية داخلية متناسقة كمؤسسة اجتماعية تلعب دورًا كبيرًا في تنشئة وتنمية الشخصية المستقبلية.