عبدالرحمن الراشد يكتب:
إيران معضلة أكبر من السعودية
غالبية حكومات العالم مقتنعة، حتى قبل الهجمات على منشآت بقيق البترولية بسنوات، أن طهران مشكلة خطيرة على الجميع. إنما ظلَّت ترجو حل هذه المعضلة من دون أن تكون طرفاً في حرب معها؛ إما أن ينهار النظام من الداخل، أو من الخارج، أو يتغير إلى الأفضل. لا شيء تغير. وهذا ينطبق حتى على الولايات المتحدة التي تدير اليوم استراتيجية الحصار، وتسعى لإجبار طهران على تبديل منهجها.
منذ عقود، ونحن ندرك أن إيران خطر على وجود السعودية، وكذلك خطر على دول الخليج والعراق ومصر، وغيرها. وأن خطرها لا يتوقف عند حدود دولة أو قارة.
فقط في عامين؛ بين 2011 و2013، تم توثيق ثلاثين هجوماً إرهابياً مرتبطاً بإيران، في نيروبي ولاغوس والهند وتايلاند والولايات المتحدة، كان بينها مؤامرة لاغتيال السفير السعودي في واشنطن وتفجير سفارات. لاحِظوا أنهما السنتان اللتان انخرطت فيهما إيران بمحادثات سلام وعلاقة ودية مع الحكومة الأميركية.
هذا السلوك المستمر في عدوانيته لا تمارس مثله أي دولة في العالم، بما في ذلك الأنظمة الموصومة بأنها سيئة، مثل كوريا الشمالية، أو فنزويلا. الأقرب إلى سلوك نظام المرشد الأعلى هما تنظيما «القاعدة» و«داعش». هذه الأنظمة الثلاثة، التي يقودها آية الله خامنئي، والظواهري، والبغدادي، تتشابه في أنها تقوم على الآيديولوجيا الدينية العدوانية، ورفض نظام الواقع العالمي بحدوده ونواميسه.
إيران و«القاعدة» و«داعش» تتشابه في أنها تطمح للتمدد ونشر العنف مستخدمة الدين والقوة والفوضى. بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) 2001، اجتمع العالم وقضى على دولة «القاعدة»، ثم طارد وهدم دولة الخلافة لـ«داعش»، لكنه لم يجرؤ على ردع دولة الخلافة لتنظيم المرشد في إيران. السبب غالباً في الخشية من المواجهة الخطيرة، وتبعاتها قد تكون أكبر من قدرة دولة واحدة على تحمُّلِها، حتى لو كانت دولة عظمى بحجم الولايات المتحدة. لهذا لجأت واشنطن إلى السلاح المعقّد والبطيء، وهو حصار إيران اقتصادياً؛ حرمانها من الدولار والنفط.
وقد أوجع طهران ما دفعها إلى العدوان على ناقلات أربع دول، وتوظيف ميليشيات داخل العراق بعمليات عدوانية، والتجرؤ على ضرب منشآت النفط السعودية، ولجوئها إلى اعتقال مواطنين أستراليين وبريطانيين وأميركيين داخل إيران، وابتزاز حكوماتهم بتهديدها بإعدامهم بدعاوى تجسس وغيرها.
إيران كابوس عالمي، لم يتم التعامل معها بجدية كافية وردعها مبكراً، ولا يفعل المجتمع الدولي أكثر من التحذير والتأجيل في وقت تستقوي فيه إيران مع مرور الوقت. لقد حاول الرؤساء الأميركيون والأوروبيون مصالحة ومهادنة نظام طهران وفشلوا. رضوا بالتوقيع على اتفاق نووي هش، وقابلته إيران بالمزيد من الانخراط في الحروب والإرهاب، بما في ذلك على الأراضي الأوروبية، بالتخطيط لعمليات اغتيالات وتفجيرات ضدها.
إنه من الصعب على العقل السياسي الغربي أن يفهم إيران، لأنه ينظر إليها كدولة، جمهورية لها مقعد وعَلَم في الأمم المتحدة، وهي في الواقع ليست سوى تنظيم ديني إرهابي مماثل لـ«القاعدة» و«داعش».
ستستمر إيران، إلى سنوات، خطراً على أمن العالم واستقراره حتى يتفق الجميع على مواجهتها.