د. موزة العبار تكتب:

آفاق التنمية السياسية في الإمارات

في مقالنا السابق، أوضحنا أن دستور دولة الإمارات العربية المتحدة، حدد شكل الدولة منذ قيامها.

وقد صدر هذا الدستور، بعد موافقة حكام الإمارات مجتمعين، بدافع الرغبة في حماية المجتمع والدفاع عن مصالح المواطنين، كما جاء في ديباجته.. وهكذا نهضت دولتنا على ركائز وثوابت راسخة، دولة كاملة السيادة، وذات حضور دولي، وتشكل إمارات الدولة وحدة اقتصادية وسياسية متناغمة.

تناولنا باختصار المهام الأساسية للسلطات الثلاث، التنفيذية والتشريعية والقضائية. ولاعتبارات موضوعية مرتبطة بتشكيل اللجنة الوطنية للانتخابات، برزت على سطح الواقع مستجدات، جاءت كنتاج لحركة التطور الاقتصادي والاجتماعي، الذي اكتنف كافة جوانب الحياة.

هذا يعني أن مجتمع الإمارات يمر بمرحلة مفصلية مهمة، كانت القيادة الرشيدة أعدت لها العدة في سياق انتقال تدريجي سلس، يمهد لنقلة وتحول سياسي يترافق مع راية الإصلاح، التي رفعتها القيادة، وبشرت بها المواطنين.

وهنا، لا بد من التأكيد على أن الدولة شرعت في تبني رؤى إصلاحية قبل سنوات عديدة، في إطار حراك سياسي وتنموي، في معرض الإشارة إلى السلطة التشريعية، وهي الجهة التي تنتهي إليها نتائج الانتخابات المقبلة..

يتعين بالضرورة تسليط الضوء على الجهاز الاستشاري للسلطة التشريعية، ونعني به «المجلس الوطني الاتحادي»، والذي نص دستور الدولة على أسس تشكيله واختصاصاته وامتيازات أعضائه، وغيرها من المسؤوليات والضوابط، والمعروف أن: «المجلس الوطني الاتحادي» مر بعدة مراحل تطورية.

بدأ المجلس، بنص الدستور، بأربعين عضواً، يمثلون الإمارات الأعضاء في دولة الاتحاد، يتم اختيارهم من قبل قيادة الإمارة التي ينتمون إليها، ليمثلوها في المجلس.

وحدد الدستور عندئذٍ مدة العضوية بسنتين، كما حدد أسس توزيع مقاعد المجلس في بداية عهده، فحدد لكل من أبوظبي ودبي 8 مقاعد، وللشارقة ورأس الخيمة 6 مقاعد لكل منهما، ولكل إمارة من الإمارات الباقية 4 مقاعد.

وكما هو معلوم، للمجلس الوطني، كجهاز رقابي، اختصاصات عديدة، لعل من أهمها إجازة مسودات القوانين والتشريعات، إذ له حق إجازتها أو تعديلها أو رفضها، كما ينظر في الميزانية العامة لدولة الاتحاد.

وترفع أجهزة الحكومة للمجلس بين حين وآخر، المعاهدات والاتفاقيات الدولية لإقرارها.

ولا شك أن «المجلس الوطني» منذ تشكيله مع قيام دولة الاتحاد عام 1971، لعب أدواراً مهمة في التاريخ السياسي للإمارات، وها هي رياح الإصلاح السياسي تدفع نحو قيام انتخابات لعضوية مجلس جديد.. جديد في كل شيء، لأن دور العضو المنتخب من قواعد جماهيرية محلية، يعني أن العضو المنتخب، يعبّر عن تطلعات المواطنين ورغباتهم ومطالبهم.

ولعل من أهمها: «جودة خدمات الصحة والتعليم – والإسكان- والحفاظ على البيئة وغيرها».. ومن ثم فإن العضو المنتخب، لا بد أن يتحمل بالضرورة مسؤولية اجتماعية لا سبيل للفكاك منها، ولهذا يتنافس الأعضاء الذين يفوزون في الانتخابات نظير ترشيحهم ونيلهم ثقة الناخبين، بينما أثبتت التجارب أن بعض الأعضاء لا يقومون بالدور المؤمل منهم!

في تقديري، لا بد لنا من وقفة مراجعة لتجارب المجالس الوطنية الاتحادية السابقة، وتقييمها تقييماً موضوعياً، للاستفادة منها، وبلادنا تتجه لحياة نيابية جديدة.. وقد يكون مفيداً، تشكيل لجنة تبحث في أضابير مضابط جلسات المجالس السابقة، ومراجعة ما تم من قرارات لم ترَ النور بعد، رغم إجازتها.

والأهم من ذلك، إعادة النظر في مسميات لجان المجلس، وزيادة عددها، ليتعادل مع الزيادة في عدد الأعضاء الجدد، سواء المنتخبون أو المعينون، لأن كل المؤشرات تشير إلى أن الانتخابات المقبلة ستكون حامية الوطيس، والمنافسة ستكون على أشدها.

والكرة ستكون في ملعب الناخبين، وليس في ملعب المرشحين، لأن الوعي السياسي لمواطني الإمارات، تطور تطوراً ملحوظاً، وستكشف عنه الشهور القادمة، ولن ينال أصوات الفوز إلا من هو جدير بالثقة، لأن ما كان عليه حال بعض أعضاء المجالس القديمة، الذين أكملوا دورة لم ينطقوا بحرف، بل هنالك من كانوا يغطون في سبات عميق أثناء جلسات المجلس، وغيرهم من المتغيبين عن حضور الجلسات، بعذر أو من دونه، قد انتهى...لذا، على المواطن ألا ينتخب إلا من هو جدير بالثقة، دون أي اعتبارات أخرى.

المجتمع بحاجة ماسة إلى أعضاء أكفاء، ذوي مؤهلات عالية وخبرة مميزة، سواء من النساء أو الرجال، وأقول النساء، لأن نسبة النساء تصل إلى 50 %، وهي نسبة غير مسبوقة...! ستدفع بالمرأة الإماراتية إلى مواقع صنع القرار، للدفاع عن حقوق شريحة هامة في المجتمع.

لذلك، ستشهد تجربتنا البرلمانية القادمة، حضوراً نسوياً، نتمنى أن يكون حضوراً فاعلاً ومتفاعلاً مع متطلبات واحتياجات الوطن والمواطن بجدية تامة، ووطنية مخلصة صادقة. مع تمنياتنا لأعضاء الوطني المقبل، التوفيق والسداد بإذن الله.