نورا المطيري تكتب:

أردوغان يقتل أطفال سوريا

بعد مرور مائة عام على مذبحة الأرمن الكبرى، أو المحرقة الأرمنية، التي قتل فيها مليون ونصف المليون أرمني، وهجّر ملايين الأحياء منهم، بالرغم أنهم لاقوا دعماً من قوات الحلفاء آنذاك، لكن قضي على حلمهم بالاستقلال وإنشاء دولة أرمنية خاصة بهم على الحدود التركية الروسية، وقد شكّل لدى العثمانيين وجود الأرمن داخل الخليط التركي، خطراً ورعباً من العبث بالدولة القومية التركية، القائمة على التعصّب وحصانة العرق والهوية التركية، وها هو المشهد الآن يتكرر، لكن مع الأكراد.

بدأت إقامة دولة تركية قومية حديثة، على أعقاب الحرب العالمية الأولى، بعد سقوط الأمبراطورية العثمانية، وقد لاقت رواجاً وترحيباً كبيرين من الشعب التركي، فأنتجت تقوقعاً عجيباً للشعب على نفسه، بناء على فكرة «التعصب للعرق التركي».

بعد أن خسر أردوغان شعبيته مؤخراً، وتفشى الفساد كلياً في أنظمته، ونفدت جميع أوراقه، قرر أن يعود لسياسة أسلافه، والعزف على إيقاع القومية التركية، وإشعال حرب ضد الأكراد دفاعاً عن ذلك الإيقاع «الحفاظ على الهوية التركية وقوميتها»، ولن يوقفه وسم أردوغان يقتل أطفال سوريا، كما حدث سابقاً مع نظام الحُكم الاستبدادي الديكتاتوري السلطان عبد الحميد الثاني.

في إحدى مرات إحياء ذكرى إبادة الأرمن، قبل سنوات قريبة، والتي كانت بحضور أردوغان، شعر يومها أنه سيكون مكان عبد الحميد الثاني، الذي نال سخط المجتمع الدولي، إثر الجرائم والمذابح الجماعية، إلى أن تم نفيه تحت الحراسة المشددة و بقي في أحوال سيئة لغاية وفاته، فبدأ أردوغان يومها، بمحاولة مسح ذلك التاريخ الأسود، أو تبريره على الأقل،، فأبدى امتعاضاً أثناء مراسم تلك الذكرى، وبرر وقال: «إنها تبعات تراجيدية للحرب العالمية الأولى»، لكنه أصبح أكثر عنفًا تجاه مصطلح الإبادة، ووجه تهديدًا مباشرًا لمستخدميه، ونفذ تهديده باستدعاء سفير تركيا في الفاتيكان، لكن البابا فرانسيس أكد إن ما حدث يرقى فعلاً لمستوى الإبادة.

في زمن الإمبراطورية العثمانية، كان الحلفاء (بريطانيا العظمى وإيرلندا، وفرنسا والإمبراطورية الروسية) يدعمون القضية الأرمنية، والوقوف ضد استبداد وطغيان الدولة العثمانية، لكن حلفاء الأكراد الآن، متقلبين وغير واضحين، لذا فعلى أردوغان أن يواجههم وحده، ويكذب عليهم كما كذب أجداده.

أردوغان، يخطط لمذبحة قتل أطفال سوريا منذ أكثر من عام، بحجة محاربة الإرهاب، وتحت أنظار العالم، قد نشهد أكبر مذبحة في سوريا، لكن المجتمع الدولي مازال يقف وينتظر حدوثها، دون أي ردع أو مواجهة للنظام الأردوغاني الإرهابي، وحتماً الآن، فإن الغرف الإعلامية العالمية تحضّر تصريحات وبيانات للاستهلاك العام، يعبرون فيها عن امتعاضهم وقلقهم حيال الضحايا المدنيين، والتهجير القسري، تصاحبه لهجة تحذيرية رقيقة، مفادها، يجب إيقاف الحرب والعودة إلى المفاوضات..!

لا أحد يدري، هل هناك صفقة جديدة، ضحيتها الأكراد وأطفال سوريا، أم أن أردوغان سوف يستمر في تعنته وإجرامه غير مبال بهم، ويستهدف دون رحمة، المناطق المدنية التي تكتظ بالمدنيين والأطفال والنساء، وقد يذهب أبعد من ذلك، قد يبدأ باختبار جميع الأسلحة التي بحوزته، والتي تم شراؤها بتمويل قطري، على أطفال سوريا، دون حسيب أو رقيب، مراهناً على عدم محاسبته على ذلك كمجرم حرب، ورهانه أن العالم سيتوقف عند التنديد والاستنكار.

وعود ترامب بتدمير اقتصاد تركيا في حال (تجاوزها الحدود) بتحركاتها، والتحذيرات الدولية له، بالتراجع عن فكرة الحرب والعودة إلى طاولة المفاوضات لا تكفي، بل يجب أن يتحرك مجلس الأمن بقوة، ويتم تشكيل لجنة دولية، تعمل بسرعة على إيقاف المجازر العثمانية الحديثة، وضمان عدم عودة الجماعات المتطرفة، وإيقاف أطماع أردوغان بتقسيم سوريا واستعمارها.