نورا المطيري تكتب:
لقاء مع عیدروس الزبیدي
هذه ليست ميثولوجيا، بل وقائع حقيقية، جرت أحداثها أمس عقب التوقيع المبدئي على اتفاق الرياض، وقبل يوم واحد، من حفل التوقيع النهائي، بين الشرعية اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي، برعاية خادم الحرمين الشريفين، وحضور ولي عهده الأمين وسمو الشيخ محمد بن زايد، لتدشين هذا الاتفاق التاريخي.
كنت أريد أن استطلع ما في قلب الجنوبيين، الأوفياء، ولأن قلبهم على قلب رجل واحد، القائد عيدروس الزبيدي، فانتهزت الفرصة وتحدثت معه هاتفياً، وقلت له إنني سأنشر اللقاء في مقالي في صحيفة «عكاظ»، فرحب بي، إيما ترحيب، ومنحني شرف أول لقاء صحفي بعد توقيع اتفاق الرياض.
سألته مباشرة، ما أخطر الصعوبات والتحدیات التي واجهت المجلس الانتقالي الجنوبي، وواجهت عیدروس الزبیدي شخصیاً، خلال حوار جدة وصولاً إلى اتفاق الریاض؟
فأجاب: «في الحقیقة لا یوجد ما یمكن وصفه «بالخطورة» غیر أن التحدیات التي واجهناها كانت تتمثل في الوصول إلى أرضیة مشتركة تحافظ على ما تضمنته وثائق المجلس الانتقالي الجنوبي، وهذا ما حدث بالفعل خاصة أن أهداف التحالف ومشروعه العربي في بلادنا لا یتعارض أبداً مع مشروعنا السیاسي وتطلعات شعبنا، خاصة أن هناك أطرافاً لا یروق لها نجاح مساعي المملكة العربیة السعودیة».
كان قلبي يخفق فرحاً، لكن بعض الخوف تسرب إلى أوصالي، فسألت القائد عيدروس: وكیف تعاملتم مع قسم من الجنوبیین الذین یرفضون الحوار، ومصرون على فك الارتباط؟
فأجاب: «في الأساس مشروع المجلس الانتقالي الجنوبي، سیمر بمراحل كثیرة تأخذ بعین الاعتبار الظروف والعوامل السیاسیة الداخلیة والخارجیة، وهو ما یتطلب الحكمة والصبر والسیر بشعبنا في طریق آمن كما وعدناهم منذ الیوم الأول، وشعبنا یدرك هذا الأمر ویدعمه».
كنت غير متأكدة من حجم العراقيل فعدت للتأكيد ولمعرفة حقيقة ما يقولونه في الشارع «أن حزب الإصلاح قد عمل على تعطیل الحوار»، هل هذا حقیقي؟ وما خطتكم مع الرئیس هادي لكبح الفتن ووأد الفساد، في المرحلة المقبلة؟
فأجاب: «هناك أطراف كثیرة على رأسها «جماعة الإخوان» المتمثلة في حزب الإصلاح تحاول دائماً إفشال أي جهود سیاسیة أو تقدم في ملف قضیة الجنوب، وهذا یأتي أیضاً في إطار ارتباطهم بأجندات معادیة للتحالف العربي. ونحن منفتحون على أي جهود تصب في تثبیت الأمن والاستقرار، ورفع المعاناة عن شعبنا، وإنجاح مشروع التحالف العربي في كبح ملیشیات الحوثي المدعومة من إیران، بما لا یتعارض مع ثوابت قضیة شعب الجنوب».
ولسبب إعجابي الشديد، بدور السعودية لإدارة المفاوضات بين الشرعية والجنوبي، سألت القائد عيدروس: كیف تقییمون قدرة السعودیة على إدارة المفاوضات، المباشرة وغیر المباشرة، وكیف تصفونها؟
فأجاب: «لا شك أن المملكة لدیها خبرة كبیرة في إدارة المفاوضات، وعرفت قیادتها دائماً بالحكمة والحنكة السیاسیة، وهي صاحبة السبق في المبادرات العربیة – العربیة ورعایة جهود السلام في المنطقة العربیة والإسلامیة، وهو الأمر الذي مكنها من حل كثیر من القضایا والأزمات كونها تعد دولة رائدة، وتمثل مرجعیة للعالمین العربي والإسلامي، وثقتنا كبیرة وغیر محدودة بقیادة المملكة العربیة السعودیة ممثلة بخادم الحرمین الشریفین الملك سلمان بن عبدالعزیز، وولي عهده صاحب السمو الملكي الأمیر محمد بن سلمان، وصاحب السمو الملكي الأمیر خالد بن سلمان نائب وزیر الدفاع».
أكملت سؤالي، وقلت: «هل واجهت السعودیة صعوبة مع الشرعیة، خاصة في ظل الاختلاف بین أطرافها حول اتفاق الریاض، هل فوضتم الریاض بالتفاوض، أم كان منكم أیضا شروط؟ وما هي؟
فأجاب: «ثقتنا بالتحالف العربي وقیادة المملكة العربیة السعودیة كبیرة، ونحن كنا حریصین على نجاح جهود المملكة، وحافظنا بالوقت نفسه على ثوابتنا الوطنیة التي تضمنتها وثائقنا ومشروعنا السیاسي، وهو الأمر الذي وجد تفهماً كبیراً لدى الأشقاء».
بالحديث عن التحالف العربي فنحن نتحدث عن الإمارات أيضاً، فسألت عن الدور الذي لعبته وتلعبه الإمارات في هذه المرحلة.
فأجاب: «الإمارات عضو أساسي في التحالف العربي، ومسألة إعادة التموضع والانتشار یأتي في إطار ترتیبات خاصة بالتحالف العربي، ولا علاقة للأمر بالحوار الذي رعته المملكة العربیة السعودیة. ونحن في المجلس الانتقالي الجنوبي وخلفنا شعب الجنوب نكن كل الحب والتقدیر لدولة الإمارات ولن ننسى جهودها وتضحیاتها في بلادنا».
قلت للقائد عيدروس: لكنَّ هناك أبواقَ فتنةٍ تزعم أن الإمارات استعادت ما قدمته في الجنوب، ومع سذاجة هذا الطرح إلاّ الناس جميعاً يريدون أن يعرفوا الحقيقة.
فقال: «الإمارات قدمت دماء أبنائها على أرضنا، ومن یقدم دمه لن یبخل بشيء آخر، وما تروج له أبواق الفتنة یأتي في إطار أجندة جهات معادیة للتحالف العربي، وستبقى بصمة الإمارات حاضرة في الجنوب دائماً، بصمة التضحیة والبناء والتنمیة».
وجدت الفرصة مناسبة لأسأل عن الأصوات التي خرجت على الشرعیة، كالمیسري والجبواني، وغيرهم وأعلنوا الانشقاق، هل لدیكم رؤیة مع الرئیس هادي للتعامل مع جمیع المنشقین، أم لدیكم رؤیة خاصة؟
فأجاب: «نحن ملتزمون بنتائج الحوار الذي رعته المملكة العربیة السعودیة، والذي تضمن تشكیل حكومة جدیدة یستثنى منها كل العناصر المأزومة التي تسببت في التحریض وسفك الدماء وإشعال الفتنة».
بدا أن الحوار يصل إلى النقاط المركزية، فكان لا بد من السؤال: حین توقیع اتفاق الریاض، كیف كان تفكیركم؟
فأجاب: «اتفاق الریاض لا یتعارض مع وثائق وأهداف المجلس الانتقالي الجنوبي، بل هو خطوة أساسیة إستراتيجية في قضية مصيرية ونحو تحقیق هذه الأهداف، ونحن قبل وأثناء وبعد الحوار لن نفرط أبداً في أهدافنا الوطنیة المشروعة، والتزاماتنا تجاه شعبنا وتضحیاته».
فقلت لكن ما مدى ثقتكم بقدرة أعضاء في الشرعیة، لیس الرئیس طبعاً، بالاستمرار بالالتزام ببنود اتفاق الریاض، وإلى أي مدى؟
فأجاب: «هناك لجنة مشتركة مكونة من المجلس الانتقالي الجنوبي والشرعیة الیمنیة بإشراف التحالف، معنیة بمتابعة تنفیذ الاتفاق وتفسیر نصوصه، كما نعول على الشرفاء والعناصر الوطنیة داخل الشرعیة».
فكّرت في مرحلة ما بعد التوقیع، فسألت هل سيكون التركیز على حكومة الشرعیة الجدیدة ومحاربة الفساد وإعادة هیكلة الجیش، أم سیكون على اقتلاع الحوثیة المدعومة من إیران؟
فقال: «لا شك أن النجاح في تنفیذ اتفاق الریاض سیكون له أبلغ الأثر في تحقیق قدرتنا على تحقیق المزید من الانتصارات، وتوحید الجهود ضد ملیشیات الحوثي المدعومة من إیران، وهذا لن یتأتى دون محاربة الفساد واقتلاعه ومعالجة أسباب الفشل الذي لازم قیادة الشرعیة في الفترة الماضیة».
بالطبع اليمنيون جميعاً وكل العرب يفكرون في مستقبل اليمن، فسألت: وما مستقبل الیمن في ظل اتفاق الریاض، على الأقل، في السنوات الخمس القادمة؟
فأجاب: «اتفاق الریاض یؤمل علیه الكثیر، وهو بمثابة خارطة طریق مرحلیة لإعادة الأمور إلى نصابها في مواجهة الملیشیات الإیرانیة، وهو أیضاً یمهد لحلول شاملة تقوم على أساس حل قضیة الجنوب بما یرتضیه شعب الجنوب ویحقق تطلعاته وأهدافه المشروعة التي یحملها المجلس الانتقالي الجنوبي».
شكرت النبيل عيدروس، باسمي وباسم رئيس تحرير «عكاظ» وفريق العمل وكل عربي شريف يرى أن اليمن الغالي والعزيز يحتاج إلى الأمن والسلام، وليعود سعيداً كما نحبه جميعاً.