مروان هائل يكتب لـ(اليوم الثامن):
وصفة هندسة الدولة في ايادي غير يمنية ، من السبب في ذلك ؟
التاريخ يقدم لنا دائما العديد من التجارب الانسانية السياسية ، عندما في وقت قصير وتحت تأثير ظروف مختلفة خضعت قناعات الناس السياسية لتغييرات جذرية وعلى سبيل المثال لا يسع المرء منا إلا أن يلاحظ التناقض الصارخ بين السلوك السياسي المتقلب و الفاشل لأكثرية النخبة السياسية اليمنية في فترة الرئيس المخلوع عفاش و بين سلوكها الان في مناطق سيطرة الحوثي والشرعية التي يسيطر عليها حزب الاصلاح ، إذ مرت 29 سنة من عمر الوحدة اليمنية وفي كثير من الأحيان نشاهد الغالبية من نفس الأشخاص الذين فشلوا في تصاميم هندسة الدولة والسياسة اليمنية لازالوا في السلطة يتغيرون فقط في الشكل ، بسبب التقدم في العمر ولكنهم يظلون ابطال اوفياء في حشد الناس للحروب الداخلية ودخلوا موسوعة جينيس للأرقام القياسية من حيث الفساد و الهجرة السياسية من حزب الى اخر والبلد بسببهم محلك سر رغم كثرة برامجهم السياسية و الأيديولوجية " الليبرالية والإسلامية " ،التي لم يكن لها أي تأثير في المجتمع اليمني.
يمكن أن تختلف القيم السياسية للنخبة بحيث يمكن أن يكون هناك تقليد كبير "لأقلية صغيرة " جدا تحكم وتفرض نفسها على المجتمع ، وكذلك يمكن أن يكون هناك تقليد كبير "للأغلبية " التي لا تميل إلى التفكير والنقاش والمشاركة وانما للخضوع ، هذه المفاهيم الثنائية موجودة في اليمن الموحد وبسببها تظل اليمن تقفز من حرب الى اخرى لان مفاتيح السلطة والدولة في ايادي الاقلية الصغيرة ، التي بعضها لا تملك اسس علوم ادارة الدولة ومؤسساتها وتفرض نفسها على الدولة عبر عرض أنصارها من الجماعات السياسية القليلة جدا المعتدلة والاكثرية المتطرفة " الدينية " " والقبلية " وعبر حشد العناصر الجاهلة المقاتلة التابعة لها ، و للأصولية الدينية والقبلية دور كبير في السيطرة على الدولة عبر حشد الانصار المقاتلة بسرعة تفوق سرعة البرق ، وهو الامر الذي جعل مسائلة استبدال الحرب القديمة بحرب جديدة دون عناء مسائلة في غاية السهولة، حرب تختفي معها معالم الدولة والمواطنة ، بينما تسير بشكل متوازي مع هذا الوضع المعقد والغريب عملية البحث عن التسوية السياسية والدبلوماسية للصراع اليمني بمشاركة نفس الشخصيات و الاحزاب السياسية التي هي سبب غياب الدولة والصراعات منذ اليوم الاول للوحدة اليمنية و تحمل مواقف متناقضة للغاية حتى داخل نفس الحزب و الوفد ، بحيث يبدو الان رغم كثرة الالتماسات والمؤتمرات والاتفاقيات والنداءات ، التي كانت ولازالت تطالب بمزيد من التحول الديمقراطي والعدالة تتعثر بوجود اذن من طين واخرى من عجين من هذه الاحزاب وقبائلها في الهضبة المقدسة ، وعلى ما يبدو كذلك أن التوصل إلى حل وسط للازمة اليمنية دون تدخل اقليمي ودولي و وصفة هندسية للدولة اليمنية القادمة من الطرفين الخارجيين وفرضها تحت عنوان اتفاق او معاهدة سوف يظل مسألة مستقبل بعيد جدًا ، بسب الصراع الداخلي المرتبط بالطموحات الشخصية والقبلية لبعض القوى السياسية اليمنية في الهضبة ،التي اوصلت اليمن الى هذا الوضع البائس والمتخلف .