مروان هائل يكتب:

الوحدة اليمنية .. مشروع وطني اهمل حسابات التاريخ

 لكل شعب  تاريخه الخاص ، الذي تم تكوينه وتطويره في وقت من الأوقات بإرادة الأفراد و وجود اشخاص عقلاء ، و جزء اصيل من التاريخ الجنوبي شاركت فيه بريطانيا   والاستقلال عنها  بالنسبة للجنوب كان علامة واضحة على وجود دولة ورمز للحفاظ على هوية الشعب ، فقد كانت  فترة ما بعد الاستقلال فرصة حقيقية  لاختيار طريق حاضر ومستقبل الأمة ومزيد من التحرك نحو مجتمع ديمقراطي وقانوني  وتعزيز أعراف المجتمع المدني .

بالمقابل لا توجد روابط للسيادة الإقليمية الواحدة بين الجنوب والشمال قبل او بعد الوجود البريطاني و العثماني  في المنطقة  ومع ذلك لم يكن هناك أي اعتراض من قبل الجنوبيين  على الوحدة اليمنية ، بل على العكس كانت الناس في الجنوب تنتظرها وتتغنى بها وترددها في قسمها الوطني ، لكنهم فوجئوا بعد تحقيقها بحروب وظلم وارهاب واقصاء ضدهم، وهي ممارسات اثارت الكراهية والانقسامات  ولم تعزز الوحدة المجتمعية او اسس الدولة الواحدة .

اضاع عفاش واتباعه  فرصة اعادة توحيد النسيج الاجتماعي  بين مواطني الشمال والجنوب بعد  حرب 1994  ، الحرب التي دمرت روابط  الأخوة  والشراكة بين الشطرين  وبدلاً من استغلال  اللحظة التاريخية لإعادة بناء الثقة والتنمية رغم عدم قبول الجنوبيين بالهزيمة ولا بالوضع الجديد، اتجه عفاش وحلفائه بشكل جاهل ومتغطرس نحو نهب الثروات الجنوبية والتلاعب بالوظائف واراضي الدولة  والعامل الديمغرافي ، وقمع الاعلام الجنوبي، الذي كانت اولى ضحاياه  صحيفة الايام .

نخبة الهضبة بعد فشلها العسكري الاخير في الجنوب  تحاول اليوم ملامسة الوعي الجنوبي  بلطافة زائفة مع تغير محدود في آليات الاقناع و التأثير النفسي اللاشعوري الخفي التي تلجأ إليها في دعاياتها السياسية لاستقطاب اكبر شريحة ممكنة من  البسطاء الى صفها ، فهذه النخبة تعمل عبر مجموعتين  ، الاولى متواجدة في الجنوب تتظاهر بتمسكها ودفاعها عن الوحدة  والثانية في الشمال والخارج  تهدد وتشن حرب اعلامية ، والفرعان يتظاهران بالخصومة وفي الاساس متفقان ومتفاهمان خاصة حول  موضوع اخضاع الجنوب وثرواته لهم .  

نخبة الهضبة لا تعي ان حقوق الإنسان  والشعوب في تقرير مصيرها هي حقوق غير قابلة للتصرف  وتتمتع بها كل دولة وكل شخص ، لذلك خاطبوا هذه النخبة الجاهلة المدمرة عبر توجيه بوصلة القضية الجنوبية بنشاط  نحو المنابر الدولية و الجامعات مثل أكسفورد  و لومونوسوف وغيرهما او نحو اتحادات الكتاب والادباء في اوروبا او

الاتحاد البرلماني الدولي وهو أقدم منظمة برلمانية دولية وتحظى بالاحترام  وفرصة للتحدث امامه علناً بشأن أي قضية ، وهذا ما تم إنشاء البرلمان من أجله  للتحدث نيابة عن ناخبيهم وشعوبهم ومواطني بلدانهم ، وان الاتحاد البرلماني يعتمد في عمله على القيم الأساسية للديمقراطية والقواعد الدولية .