ميلاد عمر المزوغي يكتب لـ(اليوم الثامن):

التوطين... تنوع ديمغرافي على حساب الليبيين

توطئة: ليبيا بلد مترامية الاطراف قليلة السكان ,تنعم بعديد الخيرات متمثلة في النفط والغاز وبعض المعادن الثمينة كالذهب مثلا ,اضافة الى اليورانيوم بجنوب البلاد, وساحل يمتد لما يقرب من 2000 كيلومتر,التوزيع السكاني يتمركز بالسهول الساحلية الزراعية, لكنها وللأسف في ظل عدم وجود رؤية واضحة بشان الاستغلال الامثل للمناطق الزراعية ,وعدم وجود مخططات سكنية معتمدة ,تم التعدي على المناطق الزراعية من قبل المواطنين ,تجمعات اسكانية عشوائية تفتقر الى ابسط مقومات الحياة ,الدولة حاليا تكاد تستورد كل شيء ,بمافيها المنتجات الزراعية التي لم تعد تكفي الاستهلال المحلي ما ترتب عليه تخصيص جزء من العملة الصعبة لاستيرادها. 

فلسطين قضية العرب الاولى ,ارتحلوا بقضيتهم الى القرن الواحد والعشرين, علّهم يجدون من ينصفهم من احرار العالم في سبيل العيش بكرامة فوق ارضهم التي اغتصبت منهم عنوة من قبل الصهاينة المنتشرين في بقاع الارض لتكون لهم وطنا ابديا,تم تشريد سكان الارض التي منحت للصهاينة بقرار اممي حمل الرقم 181 الصادر بتاريخ 29 نوفمبر 1947 ,وقد سبقه وعد بلفور المشؤوم في 2نوفمبر 1917.

 يتواجد الفلسطينيون في ليبيا منذ زمن يعيشون بين اخوانهم الليبيين معززين مكرمين, لم يمنحوا الجنسية الليبية, لئلا تضيع الهوية الفلسطينية ويبقى امل العودة يراودهم ,ليبيا لا تعترف بالكيان الصهيوني وتجرم قوانينها التعامل معه افرادا وكيانات, بعد الثورة 2011 ودخول البلاد تحت الفصل السابع اصبح مسؤوليها قابلين للابتزاز ,ومنها الاعتراف بالصهاينة وقد تجلى ذلك في اجتماع وزيرة الخارجية بحكومة الوحدة الوطنية مع نظيرها الصهيوني في ايطاليا الامر الذي اثار حفيظة الشعب فحرج في مظاهرات منددة بارتماء الحكومة في احضان الغرب والقفز فوق المبادئ الوطنية واعتبار فلسطين من البحر الى النهر وطنا للفلسطينيين بمختلف اديانهم وطوائفهم, حيث اثبتت الممارسات الاستيطانية من قبل العدو استحالت اقامة دولتان متداخلتان, بل وطن واحد.

تسعى امريكا ومعها بعض الدول الغربية الى محاولة ابتزاز حكومة الدبيبة التي لا يحق لها اتخاذ قرارات استراتيجية لأنها حكومة مرحلية انتقالية وليست دائمة وحثها على القبول بتوطين سكان غزة الذين يتعرضون للإبادة الجماعية والتجويع الممنهج لكي يتركوا وطنهم, لكي يضم القطاع الى الكيان الصهيوني او كما يتشدق ترامب بان القطاع يعاني من الندرة في الموارد وبالتالي على الغزاويين الرحيل الى مكان اخر يضمن لهم رغد العيش,ويقوم ترامب بإقامة منتجعات سياحية ترفيهية وربما اقامة المعابد اليهودية "الكُنُس". 

الاوروبيون من جانبهم يسعون الى ان تقوم ليبيا بضبط عملية المهاجرين الافارقة الى دولهم, بمعنى ان يقيموا في ليبيا وهم من يتحكمون في اعداد المهاجرين اليهم وفق طلبهم, لذلك راينا ان بعض الدول الغربية تدفع اموالا لجماعات ليبية تعمل في مجال تهجير الافارقة وغيرهم الى اوروبا, لكي يحدوا من موجة الهجرة اليهم ,وهناك ايضا ضغوط تمارسها هذه الدول على السلطة القائمة في ليبيا, بان يتم توطين الافارقة في ليبيا نظير اموالا طائلة تدفع للسادة مغتصبي السلطة يسيل لها لعابهم ,والتعهد لهم بإبقائهم في السلطة ما استطاعوا الى ذلك سبيلا. الذين يتداولون على السلطة منذ 2011 لم يأتوا لأجل خدمة المواطن وصون كرامته بل لخدمة مصالحهم وافلاس الحزينة العامة ,ومنهم الذين كانوا يقيمون بالخارج على اعتبار انهم مضطهدون من النظام السابق, فالعديد منهم عندما شعروا بان الشعب لا يرغبهم, تركوا البلاد الى البلدان التي اتوا منها والتي يحملون جنسياتها (الثانية)محملين بالأموال الطائلة التي شكلت عبئا على الخزينة العامة.   

نخلص الى القول بان محاولات التوطين سواء للفلسطينيين او الافارقة من قبل امريكا والغرب الاوروبي في ليبيا ,ماهي الا تدخلا في الشأن الداخلي الليبي وانتهاك لإرادة الشعب التي عبّر عنها في عديد المناسبات برفضه لكافة اشكال التوطين وانه الاحق له دون غيره بالعيش فوق ارضه مستمتعا بخيراته, فالتوطين تنوع ديمغرافي سيكون على حساب الليبيين اصحاب الارض, وعلى امريكا والغرب لكي يحدوا من الهجرة غير الشرعية اليهم ان يقيموا مشاريع انتاجية بالدول الافريقية تخفض نسب البطالة بها وتعود بالنفع على الجميع.

ميلاد عمر المزوغي