عمر علي البدوي يكتب:

محمد بن سلمان في الإمارات: تدشين مرحلة جديدة في علاقة استثنائية

أظهرت زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى الإمارات وحفاوة الاستقبال الذي حظي به مدى متانة العلاقة بين البلدين ليس فقط على المستوى الثنائي، ولكن أيضا على مستوى القضايا الإقليمية، في وقت يلعب فيه البلدان دورا محوريا في إنجاح جهود الحل السياسي في اليمن.

وكان الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي في مقدمة مستقبلي الأمير محمد بن سلمان والوفد المرافق له لدى وصوله مطار الرئاسة في العاصمة أبوظبي.

ووصفت وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية (وام) الزيارة بأنها محطة جديدة في مسار التعاون والتكامل بين الإمارات والمملكة، ومناسبة لمواصلة التنسيق الثنائي في القضايا المحلية والإقليمية والدولية، بما يعكس توافق الرؤى والسياسات بين قيادتي البلدين.

وإثر لقاء القمة الإماراتية السعودية، كتب الشيخ محمد بن زايد على حسابه في تويتر “ترأست وأخي محمد بن سلمان الاجتماع الثاني لمجلس التنسيق السعودي-الإماراتي في أبوظبي. ماضون بتعزيز تكامل علاقتنا الاستراتيجية في المجالات كافة”.

واعتبر متابعون للشأن الخليجي أن الزيارة، وما حف بها من اهتمام إعلامي إقليمي ودولي، تظهر أن السعودية والإمارات باتتا تلعبان دورا مؤثرا في قضايا المنطقة سواء ما تعلق بالملف اليمني أو ما تعلق بحماية أمن الخليج وأمن الملاحة الدولية بعد هجمات استهدفت ناقلات نفط وسفنا تجارية تشير كل الدلائل إلى أن إيران هي من تقف وراءها.

وأحبط التحالف العربي لدعم الشرعية مساعي إيران للسيطرة على اليمن وتشجيع المتمردين الحوثيين على الانقلاب على المؤسسات المعترف بها دوليا، وخاصة مساعيهم للسيطرة على الحدود البحرية وتهديد حركة الملاحة في البحر الأحمر، ولعب دور رأس الحربة الذي تفاوض من خلاله إيران لابتزاز العالم في ملفات أخرى على رأسها ملفها النووي.

وفي خطوة لاحقة نجح التحالف العربي، ووفق رؤية استراتيجية مشتركة بين البلدين الرئيسيين فيه، السعودية والإمارات، في إنهاء الخلافات بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي عبر اتفاق الرياض.

ويراهن التحالف العربي، وغالبية اليمنيين، على أن هذا الاتفاق يمكن أن يكون أرضية لحل سياسي شامل يراعي خصوصيات الأقاليم والمناطق ويستجيب للمرجعيات الثلاث والمتمثلة في المبادرة الخليجية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني وقرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة.

وبات المتمردون الحوثيون في وضع صعب بعد أن حقق التحالف اختراقا كبيرا بالحصول على دعم الولايات المتحدة وبقية الدول المعنية بالسلام في اليمن لاتفاق الرياض وما لحقه من خطوات باتجاه توسيع هذا الاتفاق ليشمل بقية الأطراف بمن في ذلك الحوثيون، والاستجابة لجهود الوساطة العمانية.

كما أعلن التحالف عن إطلاق سراح 200 أسير من المتمردين والسماح بسفر المرضى من مطار صنعاء في خطوات هادفة لبناء الثقة وجذب الحوثيين إلى طاولة الحوار وقطع الطريق أمام أسلوب الهروب إلى الأمام الذي دأبوا عليه في مناسبات سابقة خاصة ما تعلق بتنفيذ ما جاء به اتفاق ستوكهولم.

واستبعدت أوساط خليجية متابعة أن تكون أزمة قطر قد نوقشت على طاولة المحادثات الإماراتية السعودية لأن الدوحة لم تبادر إلى أي خطوات من شأنها أن ترتقي بأزمتها إلى مستوى البحث في قمة ثنائية بين الشيخ محمد بن زايد والأمير محمد بن سلمان.

وأشارت هذه الأوساط إلى أن قطر لا تزال تعتمد نفس الأسلوب القديم الذي يقوم على إطلاق التوقعات والإشاعات في وسائل الإعلام المملوكة لها أو القريبة منها، ومحاولة تحويلها إلى وقائع.

ولفتت هذه المصادر إلى أن الدوحة، وعلى عكس ما توحي به تلك الإشاعات من رغبة في التسوية والمصالحة، فإنها تزيد من الاستفزاز بواسطة الحملات الإعلامية المكثفة التي تستهدف دول المقاطعة. كما أنها تستمر بمحاولة الوقيعة بين السعودية والإمارات، وهي خطة فاشلة وبلا تأثير سوى زيادة عزلتها، بدل استثمار الإشارات الإيجابية التي تساعدها على أن تخطو خطوات فعلية نحو الحل.

وقالت المصادر إن تغيير طبيعة المقاطعة بالسماح للمشاركة في مناسبات اجتماعية ورياضية، مثل مسابقة كأس الخليج العربي لكرة القدم، هو رسالة من دول المقاطعة بأن المشكلة مع القيادة القطرية وليست مع الشعب القطري.

وبالتوازي، تستمر قطر في المكابرة وسلوك الطريق الذي كان وراء المقاطعة من خلال الرهان على إيران وتركيا على حساب أمن دول مجلس التعاون. وبدا ذلك واضحا في ما كشفت عنه التقارير الاستخبارية الغربية من تنسيق قطري إيراني لاستهداف أمن السعودية والمصالح الحيوية بها، وكذلك في اتفاقيات تزيد من رهن الإمارة ومستقبل أجيالها إلى تركيا، والرهان على حماية الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بدل الرهان على العمق التاريخي لقطر داخل مجلس التعاون.