انور الصوفي يكتب:

من عرين الأسود مع الخضر الشاجري

تحت ظلال قلعة دثينة جمعتني بعد عصر اليوم الأحد جلسة مع الذاكرة التاريخية، والسياسية، والاجتماعية، الخضر الشاجري الذي يرابط باستمرار على قلعة الأسود.

زرته فوجدته كالليث يتوسط جماعة من أسود عرينه، أخذتني النشوة عند رؤيته، فقلت في نفسي لو رآه العدو لمات كل عضو على جهته، تقدمت نحوه ورفاقه، فسلمنا عليهم، وجلسنا، فتحدثنا عن المنطقة، وتاريخها، ورجالاتها، وقادتها، فوجدت في رأس الرجل مواويل تحتاج لمن يدندن عليها، فالشاجري لديه أفكار، وخطط تحتاج لمن يتبناها، خاصة من العقول المثقفة، والشابة، فالشاجري عقل راجح، ومتفتح، وقلب كبير، فيا له من رجل، ويا له من قائد، فتوجهاته كثيرة، وهو منفتح على كل الأطراف، فإن سألته عن شيء، ولم تكن عنده المعلومة أحالك لمصدرها، فالخضر الشاجري موسوعة في مجالات عدة.

رغم استعجالي، لالتهام أكبر قدر من المعلومات من مخزونه التاريخي، إلا أن كلماته المفيدة طوت الفترة التي قضيناها عنده بسرعة البرق، فأدركنا المغرب عنده، فاستأذناه للمغادرة على أن نعود إليه في يوم لاحق، فهو رجل لا تنتهي فوائده، فمجرد حديثه متعة، وجلوسك بجواره فخر كبير، كيف لا وهمه خدمة المنطقة؟! أضف لذلك أن الرجل لا يحمل حقداً على أحد.

بعد المغادرة نظرت نحو قلعة دثينة، فناديتها، وحدثتها خطرات قلبي قائلة، فلتأمني أيتها القلعة، فحامي الحمى متكئ عليك، فلكِ الأمان، مادام الشاجري، وجنوده يجوبون المكان، ويشحذون سلاحهم، لملاقاة عدوهم، غادرت المكان، وكأن القلعة تودعنا، وهي تبتسم، وتقول: فلتأمن المنطقة، فالرجال هنا ترابط، فأنعم بهم من رجال.