برحيل الرئيس المصري الأسبق محمد حسني مبارك تكون العاصمة الجنوبية عدن تودع آخر الرجال الذين أنصفوها في يوم مظلمتها العظيمة. مبارك يعتبر آخر الراحلين من القادة العرب الذين عاصروا حرب صيف عام 1994 وكانت لهم مواقف من تلك الحرب التي غيرت وجه جنوب الجزيرة العربية وأفرزت حقيقة دامية وصنعت واحدة من أكثر قضايا الحق الإنساني عدلاَ.
التحق الرئيس حسني مبارك بالراحلين الملك فهد بن عبدالعزيز والشيخ جابر الأحمد الصباح والشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، يرحمهم الله، وكلهم سجلوا مواقف مشرفة من تلك الحرب الدامية التي كانت بين ما يسمى شطري اليمن شماله وجنوبه بعد أربع سنوات من إعلان الوحدة في مايو 1990م قبل أن تحاول القوى القبلية والدينية أن تعمل على تصفية الشركاء الجنوبيين عبر سلسلة من التصفيات الجسدية التي انتجت أزمة سياسية حادة استدعى معها تدخل الراحل الملك الحسين بن طلال ملك المملكة الأردنية الهاشمية آنذاك، بجمع الأطراف في عمّان ونجح الملك الأردني في التوصل لوثيقة العهد والاتفاق التي وقعت من ممثلي الشطرين علي سالم البيض عن الجنوب وعلي عبدالله صالح عن الشطر الشمالي.
غير أن أياماً قليلة أعقبت التوقيع حتى شنت صنعاء غزوها على عدن والمحافظات الجنوبية في نقض للوثيقة السياسية وتقدمت جحافل الغزاة من جبال اليمن بعد أن استعانت بالأفغان العرب وتمت تغطية تلك الحرب بفتاوى التكفير استبيح فيها كل ما على الأرض الجنوبية من بشر وحجر، وفيما كانت الحرب محتدمة ظهرت المواقف السياسية التي كان أهمها موقف الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، الذي أبلغ الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر رفض دولة الإمارات العربية فرض الوحدة بالدم وهو موقف الرئيس المصري محمد حسني مبارك الذي أكد للرئيس اليمني الشمالي علي صالح أن مصر ترفض مبدأ الضم بقوة السلاح كما رفضت غزو العراق للكويت عام 1990 على اعتباره مبدأ قوميا ثابتا من مبادئ مصر القومية.
كما أعلنت القاهرة تأييدها لمقررات اجتماع وزراء مجلس التعاون الخليجية في مدينة أبها السعودية وهي المقررات التي انسجمت مع المبادئ القانونية في الأمم المتحدة برفض الضم والإلحاق بقوة السلاح وفرض سياسة الأمر الواقع التي كانت تسعى إليها صنعاء وعدم تجاوبها مع المساعي السياسية الهادفة لوقف استباحة الدم وإيقاع خسائر بالفعل لم تتوقف المظالم على مدار ثلاثة عقود من تلك الحرب، ومازالت القضية الجنوبية تحتل المراتب الأولى كأصعب القضايا الدولية تعقيداً.
عدن تودع الرئيس مبارك بعد ربع قرن من مواقفه التاريخية التي تسجل له كما تظل خالدة في ذاكرة التاريخ القومي وتحسب للأمة المصرية بإرثها القومي الزاخر ومواقفها الكبيرة المتوارثة جيلاً بعد آخر في نهج مصري جعل الراية المصرية عالية بعلو المواقف السياسية التي سجلها المصريون في ضمير كل مواطن عربي.
رحل مبارك تاركاً خلفه إرثاً عظيماً سيظل شاهداً على أنه لم يتزحزح عن مبادئ مصر القومية التي كانت رائدة التحرر للشعوب العربية وظلت منذ ثورة يوليو ملتزمة بنهجها عبر رجالها وقادتها ومنهم الرئيس محمد حسني مبارك الراحل ومعه سجل شرف من المواقف الخالدة.
مع وداع الرئيس مبارك تودع عدن آخر الشرفاء ممن أنصفوها في أيام العسرة الأولى وكم هي أيامها عسيرة، فلقد تكرر ما حدث في 1994 في عام 2014 وكان على عدن أن تقف أمام جحافل الغزاة وتصد غزوهم المتأسلم وتنتصر في معركة كان فيها لأبناء زايد الكلمة العليا، وكما كان والدهم زايد، كانوا أبناؤه وأحفاده صادقين وافين لعهودهم وكانت عدن وفية لهم كما هي وفية مع الراحل محمد حسني مبارك.
*كاتب يمني
التحق الرئيس حسني مبارك بالراحلين الملك فهد بن عبدالعزيز والشيخ جابر الأحمد الصباح والشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، يرحمهم الله، وكلهم سجلوا مواقف مشرفة من تلك الحرب الدامية التي كانت بين ما يسمى شطري اليمن شماله وجنوبه بعد أربع سنوات من إعلان الوحدة في مايو 1990م قبل أن تحاول القوى القبلية والدينية أن تعمل على تصفية الشركاء الجنوبيين عبر سلسلة من التصفيات الجسدية التي انتجت أزمة سياسية حادة استدعى معها تدخل الراحل الملك الحسين بن طلال ملك المملكة الأردنية الهاشمية آنذاك، بجمع الأطراف في عمّان ونجح الملك الأردني في التوصل لوثيقة العهد والاتفاق التي وقعت من ممثلي الشطرين علي سالم البيض عن الجنوب وعلي عبدالله صالح عن الشطر الشمالي.
غير أن أياماً قليلة أعقبت التوقيع حتى شنت صنعاء غزوها على عدن والمحافظات الجنوبية في نقض للوثيقة السياسية وتقدمت جحافل الغزاة من جبال اليمن بعد أن استعانت بالأفغان العرب وتمت تغطية تلك الحرب بفتاوى التكفير استبيح فيها كل ما على الأرض الجنوبية من بشر وحجر، وفيما كانت الحرب محتدمة ظهرت المواقف السياسية التي كان أهمها موقف الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، الذي أبلغ الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر رفض دولة الإمارات العربية فرض الوحدة بالدم وهو موقف الرئيس المصري محمد حسني مبارك الذي أكد للرئيس اليمني الشمالي علي صالح أن مصر ترفض مبدأ الضم بقوة السلاح كما رفضت غزو العراق للكويت عام 1990 على اعتباره مبدأ قوميا ثابتا من مبادئ مصر القومية.
كما أعلنت القاهرة تأييدها لمقررات اجتماع وزراء مجلس التعاون الخليجية في مدينة أبها السعودية وهي المقررات التي انسجمت مع المبادئ القانونية في الأمم المتحدة برفض الضم والإلحاق بقوة السلاح وفرض سياسة الأمر الواقع التي كانت تسعى إليها صنعاء وعدم تجاوبها مع المساعي السياسية الهادفة لوقف استباحة الدم وإيقاع خسائر بالفعل لم تتوقف المظالم على مدار ثلاثة عقود من تلك الحرب، ومازالت القضية الجنوبية تحتل المراتب الأولى كأصعب القضايا الدولية تعقيداً.
عدن تودع الرئيس مبارك بعد ربع قرن من مواقفه التاريخية التي تسجل له كما تظل خالدة في ذاكرة التاريخ القومي وتحسب للأمة المصرية بإرثها القومي الزاخر ومواقفها الكبيرة المتوارثة جيلاً بعد آخر في نهج مصري جعل الراية المصرية عالية بعلو المواقف السياسية التي سجلها المصريون في ضمير كل مواطن عربي.
رحل مبارك تاركاً خلفه إرثاً عظيماً سيظل شاهداً على أنه لم يتزحزح عن مبادئ مصر القومية التي كانت رائدة التحرر للشعوب العربية وظلت منذ ثورة يوليو ملتزمة بنهجها عبر رجالها وقادتها ومنهم الرئيس محمد حسني مبارك الراحل ومعه سجل شرف من المواقف الخالدة.
مع وداع الرئيس مبارك تودع عدن آخر الشرفاء ممن أنصفوها في أيام العسرة الأولى وكم هي أيامها عسيرة، فلقد تكرر ما حدث في 1994 في عام 2014 وكان على عدن أن تقف أمام جحافل الغزاة وتصد غزوهم المتأسلم وتنتصر في معركة كان فيها لأبناء زايد الكلمة العليا، وكما كان والدهم زايد، كانوا أبناؤه وأحفاده صادقين وافين لعهودهم وكانت عدن وفية لهم كما هي وفية مع الراحل محمد حسني مبارك.
*كاتب يمني