وهيب الحاجب يكتب:
أهلاً كورونا!!
قلقٌ ينتابُ كثيراً من دوائر الفساد في مفاصل الحكومة بسبب تأخّر وصول وباء كورونا إلى اليمن، وبشوقٍ ولهفة يترقّب رموز النهب والاختلاس والنصابون واللصوص الإعلان عن أول إصابة في هذا البلد الذي صارت مصائبه مصدرا للثراء، وكوارثه مرتعاً للتكسّب “والعيشة”.. بلدٌ غدت آلام بسطائه رغدا وراحة لجبابرته من المسئولين الموكلة إليهم حقوق الرعية والعامة.
العالمُ يتأهّبُ ويستعد لمواجهة “كورونا” بمزيدٍ من الخطط لإدارة الأزمة ومواجهة الكارثة إن حلّتْ، ومسئولونا في اليمن منهمكون بالتخطيط للتحايل والاحتيال على ما يمكن أن يقدمَه العالم والمنظمات الدولية من دعم ومساعدات، ويتفننون بتنميط التقارير والأرقام والبيانات للحصول على المزيد من الدعم، ليقين مسئولينا في الحكومة، ومعهم ممثلو المنظمات الدولية، أن المساعداتِ الإنسانيةَ هي بوابة الثراء التي لا رقيب عليها ولا حسيب لها؛ فصار هذا الدعم بمثابة “المال السايب” الذي علّم المسئولين ما لم يكونوا يعلمون!!
وزارةُ الصحة دعتْ أمسِ جميعَ الأطباء والفنيين وخبراء الحجر الوقائي وطلاب كليات الطب والمعاهد الصحية إلى سرعة التطوع وإسناد الوزارة في استعداداتها لمواجهة الوباء، وجاءت الدعوة بعد يومٍ واحد من دعم بقيمة ثلاثة ملايين دولار ونصف قدّمه مركزُ الملك سلمان لليمن، إذ استبقت الوزارةُ أية احتمالات بالدعوة للتطوع، وكأن المرافقَ الحكومية والكم الهائل من كادرها الوظيفي لم يستطعْ التعامل مع واستيعاب الحالات المصابة، وهي في الواقع حركةٌ مدروسة للتعامل مع الثلاثة ملايين دولار ونصف وصرفها وتصريفها على طريقة “أبو يمن” من جهة، ومن جهة أخرى للفت نظر المجتمع الدولي والمنظمات إلى مزيد من الدعم، بعمل تقاريرَ وهميةٍ من المؤكّد أنها ستتجاوز حالاتِ الإصابة الحقيقة وستتجاهل مناطق الوباء إن حلت الكارثة على اليمن حقا، فإجراء الحكومة هذا يوحي بأن المسألة “شحاتة من أولها” فكيف ستكون تاليتها إذن؟!
مواجهة الوباء في اليمن تحتاجُ إلى ضميرٍ صاحٍ ووازع إنساني وخوف من الله أكثر مما تحتاج إلى دعم ومال ومساعدة، فالضميرُ والوازع كفيلان بتوفير الدعم وإيجاد المال وبالتالي العمل بمسئولية لمواجهة الوباء، لكنَّ توفرَ المال وتزايد الدعم لن يخلقا ضميرا إنسانيا يتألمُ لحال المصابين، ولن يوجّدا وازعا ولا أخلاقا توصّل الدعم إلى مكانه، بل لن يَحمِلا هذا أو ذلك على الإحساس بمسئوليته نحو تجنيب بلده وأهله ويلات الوباء.. لهذا سنظلُّ، في اليمن، بحاجة منظمات دولية داعمة للأخلاق والضمير والوازع أكثر من حاجتنا للدعم بالمال أو المساعدات!