محمد عباس ناجي يكتب لـ(اليوم الثامن):
لماذا تعارض السعودية استعادة دولة الجنوب؟؟.
معظم الجنوبيين لا يعروفون السبب الحقيقي لمعارضة السعودية لاستعادة دولة الجنوب المستقلة وقد احجمت عن الافصاح عن هذا السبب اعتقاداً أن هذه الدولة الباغية ستراجع مواقفها تجاه قضية شعبنا العادلة ولكن خاب أملنا وتبينت نواياها القبيحة والتأمرية ولهذا افصح لكم اليوم عن السبب وهو:
أن الاحتلال البريطاني قام قبل حصول بلادنا على الاستقلال في 30 نوفمبر 1967م بالتنازل عن اراضي واسعة من دولة الجنوب العربي لصالح السعودية وزور الخرائط ولهذا في اول بيان للزعيم قحطان الشعبي رحمه الله اعلنه في يوم الاستقلال لم يتطرق إلى حدود دولتنا ومساحتها وانما تغاضى عنها ادراكاً منه ان أي تحديد لحدود ومساحة دولتنا سيكون اعترافاً بما قامت به بريطانيا من سرقة لبعض اراضينا ولهذا ترك الامر وقد اوضح ذلك في محاضر اجتماعات حكومته بعد الاستقلال وذكر ان السعودية رفضت الاعتراف بدولتنا مشترطة اعترافنا بالحدود التي رسمتها بريطانيا ولكن قيادة الجبهة القومية رفضت هذا الطلب وظلت السعودية ليس لها علاقات دبلوماسية بدولتنا حتى عام 1976م وظلت تدعم المرتزقة لتدمير دولتنا وعلى سبيل المثال احداث 27 يوليو 1968م في كل من الصعيد وبيحان وردفان والصبيحة وغيرها من المؤامرات لا تعد ولا تحصى.
بعد الاطاحة بالرئيس قحطان في 22 يونيو المشؤم عام 1969م طلبت السعودية من الرئيس سالم ربيع علي رحمه الله ترسيم الحدود ولكن قيادة الدولة رفضت فقامت السعودية في 11 نوفمبر 1969م باحتلال اراضي جديدة من وطننا فتصدى لها جيشنا الباسل بقيادة القائد البطل الرائد علي عوض بن شلال ولكن حدثت خيانة من قبل شخص مسؤول عن تموين الجيش بالاسلحة والذخائر وهي تحتضنه اليوم مما ادى الى هزيمة جيشنا واستشهاد الرائد علي عوض بن شلال الذي ضرب اروع الامثلة في البطولة والشجاعة.. فتمكنت السعودية من احتلال الشرورة والبلق والوديعة وترمذ واراضي أخرى شاسعة تساوي ثلث مساحة ارضنا فاصدرت قيادة القوات المسلحة ووزارة الخارجية بيانات تبين فيها ملكية بلادنا لهذه الارض بالدلائل القاطعة ومنها ان السعودية قامت في عام 1954م بمحاولة احتلال هذه الاراضي فتصدى لها جيش البادية الحضرمي بالتعاون مع سكانها من ابناء قبيلة الصيعر الحضرمية.. وفي عام 1955م قامت السعودية بمحاولة التنقيب عن النفط فيها فقام جيش البادية الحضرمي بالاستيلاء على حفارين واسر عمال شركة الحفر وايصال الحفارين الى المكلا فقامت السلطات البريطانية بالضغط على السلطان القعيطي للافراج عن الاسرى اما الحفارين فقد بقيا في المكلا الى وقت قريب.
ظلت دولتنا تعتبر كل تلك الاراضي محتلة واودعت الوثائق التي تثبت ملكيتها لليمن الجنوبي لدى الجامعة العربية والامم المتحدة وكانت قواتنا المسلحة الباسلة بين فترة واخرى تخوض حرب شرسة مع السعودية حول حدودنا واخرها في عام 1988م عندما دمر جيشنا دورية سعودية ادعت السعودية أن جيشنا استخدم سلاح محرم دولياً وهو كذب وافتراء.
بعد الوحدة المشؤمة في مايو 1990م طلبت السعودية من الرئيس المقبور علي عبدالله صالح التوقيع على الحدود مقابل سماحها بقيام الوحدة ولكن الرجل كان ليس بامكانه ذلك لموقف الجنوبيين الرافض الذين كانوا في السلطة فاظهرت دعمها لانفصال الجنوب اعلامياً عام 1994م وهي على الارض داعمة لنظام صنعاء.
وبعد احتلال الجنوب من قبل نظام صالح طلبت منه التوقيع على الحدود مشترطة عليه أن يشاركه في التوقيع قيادي جنوبي من الذين وقعوا على الوحدة مسترشدة بالتجربة العمانية عندما تم التوقيع على الحدود الجنوبية _ العمانية عام 1992م فقد رفض السلطان قابوس ان يوقع علي عبدالله صالح على الاتفاقية مع انه رئيس الدولة وطلب توقيع كل من المهندس حيدر ابوبكر العطاس رئيس الوزراء وعلي سالم البيض نائب الرئيس باعتبارهما جنوبيان واصحاب الحق الشرعي.
ماطلها صالح في طلبها فقامت بدعم بعض الحركات الجنوبية للقيام باعمال مسلحة ضد نظامه مثل (حركة موج) و(حركة حتم) مما جعله يوافق على التوقيع والذي جرى في 12 يونيو 2000م وتنازل عن عسير ونجران وجيزان التابعة للجمهورية العربية اليمنية بشكل ابدي وبموجب ذلك الاتفاق ارجعت السعودية بعض أجزاء الوديعة لنظام صالح وابقت على معظم اراضينا تحت احتلالها بما فيها الخراخير والمثلث اللذان احتلتهما عام 1994م.
تجمع أبناء الجنوب المحتل في صنعاء ادراكاً منه لخطورة تلك الاتفاقية اصدر في يوم 14 يونيو 2000م بياناً اعلن فيه عن رفضه لتلك لاتفاقية جدة الخيانية واعتبر أن توقيع صالح غير شرعي على اراضي الجنوب كونه بلد يقع تحت الاحتلال مستندا الى اعلان استعادة الدولة الجنوبية في 21 مايو 1994م وعلى اتفاقية جنيف الرابعة للامم المتحدة الصادرة في أغسطس 1949م والتي لا تجيز للمستعمر حق التصرف بالاراضي التي احتلها في بلدان الغير وقام تجمع ابناء الجنوب بتوزيع هذا البيان على بعض السفارات العربية والاجنبية في صنعاء واودعه لدى سكرتارية جامعة الدول العربية كوثيقة تاريخية لحق تاريخي.
ومن هذه الحقائق التاريخية والتي احتفظ بكل وثائقها فان السعودية تدرك أن توقيع علي عبدالله صالح بالتنازل عن ارضنا غير ملزم لشعب الجنوب ومن حقه اذا استعاد دولته أن يستعيد ارضه المغتصبة ولهذا النظام السعودي الغاشم سيقاوم بكل ما لديه من امكانيات استعادة شعب الجنوب لدولته المستقلة ولكن عليه ان يتيقن أن ارارة شعبنا حتماً ستنتصر ذات يوم قريب ويستعيد حقوقه المغتصبة فارادة الشعوب من ارادة الله وارادة الله لا غالب عليها.
اعزائي القراء اعتقد انني قدمت لكم ما يثبت قولي عن سبب معارضة النظام السعودي لاستعادة شعبنا لدولته المستقلة ومازالت هناك اسباب سنكشف عنها في وقت لاحق مع صور لوثائق تاريخية هامة.
الجمعة 3 أبريل 2020م.