محمد عباس ناجي يكتب لـ(اليوم الثامن):
يافع التاريخ والحضارة في الماضي والحاضر.
زرت قبل أكثر من عقدين من الزمن بعض مناطق يافع العليا القريبة من ردفان ولم تسمح لي الظروف بزيارة يافع السفلى ولكنني ذكرت في كتبي الكثير عن المنطقتين فلهما تاريخ وحضارة مجيدتين.. فقبائل يافع في كثير من فترات تاريخ الجنوب كانت تحكم مدينة عدن عاصمته.. يافع كانت ومازالت مدد الجنوب بالرجال والمال.
قبل أسابيع سمحت لي الظروف بأن أمر في مناطق يافع العليا فكان أول إعجاب رأيته فيها قدرة انسانها على بناء تلك المنازل الرائعة والجميلة على قمم الجبال وسفوحها راسماً بها لوحة حجرية يصعب وصفها وتخيل كيف قام ذلك الإنسان ببنائها بتلك الصورة الرائعة محافظاً فيها على طابعه المعماري المميز الذي يعكس تاريخ شعبه منذ ما قبل الميلاد من خلال المشاقر (المثلثات) في نهاية كل مبنى فهي كانت مستعملة في حضارة ممالك الجنوب ( أوسان وحضرموت وقتبان وذي يزن) فظل إنسان يافع يحافظ عليها حتى اليوم كونه إنسان حضاري في سلوكه وممارسته.
عندما وصلت إلى مدينة لبعوس حاضرة يافع صعدت إلى إحدى الروابي القريبة منها لاجول بنظري عليها فوجدتها مدينة فيحاء تأسر الناضر إليها ففيها من العمارات الشاهقة ما يمكن القول عنها تحف معمارية فريدة مع أنها مع الأسف الشديد غير مخططة بصورة حضرية حديثة. كما أدخلت فيها بعض التشوهات المعمارية تمثلت في تركيب العقود فوق النوافذ والتي هي متبعة في صنعاء وهي أشكال تعبر عن السبئيين الذين كانوا يعبدون الشمس ويحرصون على دخول اشعتها إلى منازلهم.
كما لفت نظري واعجبني ذلك المنظر الرائع والجميل لأفراد القوات المسلحة الجنوبية من أبناء يافع وهم يرتدون ملابسهم العسكرية بصورة منظمة ويزينوها بعلم وشعار دولتهم ويقفون بكل شموخ وإباء كشموخ جبال يافع وإباء رجالها ونسائها في النقاط العسكرية وعلى حدود وطنهم مستعدون للذود عنه بدمائهم وارواحهم فلم أجد سوى أن اقول لهم في نفسي تحية لكم أيها الرجال الأبطال أنتم رمزاً لشموخ الإنسان الجنوبي.. أنتم أمله في وصوله إلى هدفه المنشود في تحرير وطنه واستعادة دولته المستقلة