إميل أمين يكتب:

«كايسيد»... حتى لا يضيع الأمل

أنفع وأرفع ما يمكن أن يقوم به المؤمن الحق في هذه الأوقات العصيبة، طمأنة القلوب الخائفة المضطربة، وتثبيت الركب المخلعة والمهتزة، فالجائحة عصيبة، والطبيعة البشرية في لحظة فارقة، وسوف تعد يوماً من الأيام فاصلة في سجل الزمن الكبير.
من هذا المنطلق تبقى الهيئات والمؤسسات العاملة والفاعلة في مجال الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، صاحبة رسالة جوهرية في دعم الجهود الإنسانية ناحية الأمل، ورغم التباعد الاجتماعي، الذي ينادي به الأطباء لتجنب فيروس «كورونا»، إلا أن أصحاب النوايا الصالحة، والطوايا الفالحة، لا تعوزهم الحيلة أو الآلية، لوصل ما فصله هذا الفيروس المخيف.
في مقدمة المؤسسات التي تقوم بدور متميز حول العالم في هذا الإطار، مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات «كايسيد»، والذي يمضي قدماً عبر العالم الافتراضي، لأداء رسالته في توحيد الجهود البشرية، وتعظيم قيمة الحوار، واستغلال وقت المحنة كي يضحى أوان المنحة.
لم يستسلم «كايسيد» أو يستكين، بسبب حالة الطوارئ العالمية التي فرضها الزائر الضاري المستجد، وهنا تبدو المرونة الإيجابية إن جاز التعبير سيدة الموقف، واستغلال الوجه الإيجابي من العولمة، وأدوات العالم السيبراني لإكمال الرسالة والتسامي معا على الألم إلى أن تعبره البشرية معا.
أعلن «كايسيد» عن بث جميع أنشطة المركز على الشبكة العنكبوتية، حيثما أمكن ذلك، في حين أنه من المقرر استئناف الأحداث الفعلية المقرر عقدها في الموقع من يوليو (تموز) حتى ديسمبر (كانون الأول) اعتماداً على المستجدات.

يعن لنا أن نتساءل: «هل هذا وقت العلماء، أم زمن الحكماء والفهماء، من رجالات الأديان ومشيري الثقافة ومنظري الإنسانية؟».
أغلب الظن أن التجربة الإنسانية الأليمة الأخيرة، قد أوضحت لنا أن فكر المحاصصة، والمناطقية، أثبت فشلاً ذريعاً، وأن الإنسانية لا يمكن أن تعبر البحر الهائج، إلا من خلال تجديف الجميع نحو شاطئ الأمان.
يذهب الأديب الآيرلندي الشهير جورج برنارد شو، إلى أنه «عند العاصفة يلجأ الإنسان إلى أقرب مرفأ»، وليس أقرب للإنسان من الأديان، في أوقات النوازل والمحن، وقد رأينا في الأسابيع القليلة الماضية نمواً ملحوظاً في منظومة العبادات والإيمانيات، التي سادت الجميع، موحدين، وأصحاب شرائع وضعية.
من هنا كان البيان الذي صدر عن «منصة الحوار والتعاون بين القيادات والمؤسسات الدينية المتنوعة في العالم العربي»، والتي يدعمها مركز الملك عبد الله للحوار العالمي.
يستشعر القائمون على «كايسيد»، وفي ضوء الدور الإنساني الخلاق الذي تلعبه المملكة العربية السعودية منذ بدايات الأزمة في مساندة البشرية المتألمة شرقاً وغرباً، وعبر كافة المؤسسات الفرعية التي تزخمها نقلاً وعقلاً، بأنه الوقت القيم للأفراد والقيادات والمؤسسات الدينية المتنوعة، والشريكة في المنطقة العربية، للاضطلاع بدورهم المحوري في نشر قيم التعاضد والتضامن والإخاء في مجتمعاتهم، وعليه يشدد المركز على أهمية وقوف شعوب المنطقة صفاً كأنهم بنيان مرصوص، بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية والثقافية والعرقية، لتجاوز هذه الفترة الحرجة، بعيداً عن أي خلافات.
ينظر رجالات «كايسيد» وأحباؤه والمدركون لأهمية دوره في هذه الآونة إلى البشرية، نظرة تأخذ في عين الاعتبار الحاجات الإنسانية، تلك التي رتبها هرم ماسلو من ماديات وروحانيات، ولهذا ففيما يسعون إلى معالجة أزمة انتشار الفيروس، وتخفيف آثاره في المجتمعات العربية، فإنهم يدعون إلى رفع الوعي بشأن خطورته، وحث الجميع على التزام الإجراءات الوقائية التي تتخذها الحكومات في هذا الصدد.
ومن ناحية العوز الجسدي الذي لا بد منه، كانت المنصة تدعو إلى تعزيز التضامن الإنساني بمساعدة فئات المجتمع الأشد احتياجاً، لا سيما الفئات الأشد ضعفاً وفقراً، مع اتخاذ تدابير وقائية بتعليمات الحماية الذاتية.
أعظم ما يقدمه مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمي للبشرية المتألمة، الأمل الممزوج بالعمل، والأيادي المتشابكة القادرة على عبور بحر ظلمات «كورونا».