د. ياسين سعيد نعمان يكتب:
اجتماع القدرة والجهل
يقول "جوته" المفكر الألماني الشهير، "ليس هناك ما هو أدعى للخوف من اجتماع القدرة والجهل".
"القدرة"، على أي مستوى وفي أي ميدان كان، إذا لم ترتبط بمعادلها الموضوعي "المعرفة" فإنها تصبح خطراً على الجميع بما في ذلك على صاحبها.
أن تمتلك القدرة، لا يعني ذلك شيئاً إلا حينما تبدأ باستخدامها.. استخدامها هو الذي يحدد على نحو واضح من أنت، أو من تكون.
وأسوأ ذوي القدرة هم الذين يتوهمون أن "القدرة" مطلقة، وهنا يتجلى الجهل الذي يقصده "جوته"، بمعنى الجهل بالقوانين والقواعد المنظمة لاستخدام القدرة باعتبارها هبة طبيعية من هبات الحياة أو مكوناً مجتمعياً وبيئياً لا بد من تقييده بقيمة مجتمعية تعيد تأطيره ضمن قوام الحاجة لبناء الحياة لا هدمها.. وهذه القيمة بالنسبة للقدرة هي المعرفة.. تماما مثلما تكون عليه ثنائية "الحرية والمسئولية".
ما الفرق بين أن يكون لديك قدرة عسكرية هائلة تدمر بها البلاد،
أو قدرة إعلامية كبيرة تفسد بها الوعي وتشوه بها التاريخ،
أو قدرة مالية ضخمة تسحق بها الضمائر وتكنس بها ما تبقى من كرامة؟!
الحرب في اليمن أضحت تشعل التنافس بين ملاك "القدرة المجتمعة مع الجهل" على نحو مخيف، بتعبير "جوته"، وخاصة حينما لا يتردد فيه المجتمع من الإعجاب والانبهار بها والتصفيق لها في لحظة انكسار ويأس وشعور بأن ما ظل يتطلع إليه من أحلام جميلة قد التهمتها هذه القدرة الغاشمة.
وفي الأثر يقول الله تعالى "إن خير من استأجرت القوي الامين".
رمضان كريم.