د. ياسين سعيد نعمان يكتب:

ضحايا الكوارث والحروب والمتاجرون بمعاناتهم

"ولقد صرفنا في هذا القرآن للناس من كل مثل وكان الإنسان أكثر شيءٍ جدلا".

لم يتوقف الإنسان أمام ما يتلى عليه فاقداً القدرة على التفكير والتأمل والمجادلة، بل أخذ يجادل ويسأل، ولم يكن دائماً يجد إجابات جاهزة لأسئلته، فيجتهد..

فالزمن يتحرك والمعطيات تتغير والحاجات تزداد تنوعاً، وكان الاجتهاد باعثاً على تحريك العلوم والفكر في الاتجاه الذي يخدم مصلحة الإنسان.

وكانت مصلحة الإنسان هي محور الشرع..

نعم، "كان الإنسان أكثر شيءٍ جدلاً".

* * *

الذين يدفعون الثمن في الكوارث والحروب هم الجديرون بأن يتوجه إليهم العالم لمعرفة حقيقة ما وصلت إليه الأوضاع في بلدانهم، وفيما يجب عمله لمواجهة هذه الأوضاع، وهم قبل غيرهم المؤهلون لمواجهة تحديات الحاضر والمستقبل. 

على هامش هؤلاء تتكاثر الأعشاب المتسلقة التي لا تنتج وروداً أو ثماراً بالضرورة بل طحالب في أكثر الأوقات، بعد أن تتاجر بمعاناة هؤلاء الناس وآلامهم. 

لا بد من ان يكون صوت هؤلاء قوياً ومسموعاً، وسيكون هو وحده المعبر عن المسار الذي يجب أن تتجه إليه الأمور.

* * * 

الاغتيالات فعل شائن ومدان.. هو فعل يتسم بالغدر، ولم يكن في أي يوم من الأيام غير أداة الجبناء وأراذل المجتمعات ممن لم يستوعبوا أن التنوع والاختلاف هما مكون قيمي لا يمكن للحياة ان تسمى حياة بدونه.

إن هذا الاختلاف والتنوع يمكن أن يدارا بما تفرضه الحياة نفسها من أدوات تعبر عما تحمله من معان عظيمة.. 

الحياة لا يمكن أن تزدهر إلا بالاختلاف والتنوع والقبول به كركن من أركان الحياة.

* * *

رحل المناضل التقدمي اللبناني محسن ابراهيم عن الدنيا وترجل بعد نضال طويل على امتداد الساحة العربية، اللبناية-السورية-الفلسطينية على وجه الخصوص، شغل فيها موقعا متميزاً في ظروف سيسجلها التاريخ كمرحلة تغيرات عصفت بالحلم العربي وقضاياه العادلة.

محسن ابراهيم أحد زعماء اليسار العرب ممن أثروا الفكر التقدمي برؤى ربما تبعث من بين انقاض الانكسارات ذات يوم، كان صديقاً لليمن، وطالما جادل وتحدث بما يليق بمكانته كقائد سياسي وكمفكر، وسيأتي الزمن الذي ستقرأ فيه الأفكار والآراء بعيدا عن ضغوط اللحظة.

خالص تعازينا.