سمير عادل يكتب:
نحو حركة عمالية مقتدرة في المجتمع
تصاعدت في الاونة الاخيرة ولا زالت احتجاجات عمالية واسعة في العديد من القطاعات العمالية في عدة مدن من العراق. فمن إضرابات عمال العقود في وزارة الكهرباء، عقود عمال وزارة الصناعة، العاملين في غاز البصرة، المحاضرين في وزارة التربية، عمال عقود واجور دوائر الماء، وعمال الشركات الاهلية و... إلى غيرهم. تتسع موجة الحركات الاحتجاجية هذه ارتباطاً بمطلبين أساسيين هما: تحويل عمال العقود الوقتيين على الملاك الدائم وصرف الرواتب المستحقة منذ اشهر، وعدم التسريح من العمل.
كل المؤشرات والدلائل تشير إلى أن هذه الحركات هي بشارة تصاعد وتنامي حركة احتجاجية مقتدرة تشمل وتضم ميادين وقطاعات عمالية اخرى. أن عمال العراق يمرون في ظروف اقتصادية ومعيشية صعبة للغاية، وقد وضعت تداعيات وباء كورونا ثقلا جديدا على كاهل العمال. فمن التطاول اليومي على حقوقهم، الى الدوس على الضمانات والحقوق والحريات، و يرزحون تحت اعباء الافقار المتعاظم من جهة، وفي الوقت ذاته يرون ان القسم الاعظم من ثروات المجتمع تمضي لاقلية برجوازية طفيلية حاكمة، غارقة في الفساد والنهب والجريمة المنظمة.
وكالعادة، للرد على هذه الحركات الاحتجاجية المتعاظمة من قبل الطبقة الحاكمة، ثمة سبيلين: المماطلة والتسويف، المناورات والالاعيب، الوعود واشاعة الاوهام وحرف وعي المحتجين وشق صفوفهم الموحدة وغيرها، والاخر اللجوء الى التهديد والوعيد والعنف السافر والمستتر ضد العمال. بيد ان عمال العراق هم اليوم اوعى من هذا بكثير وأكثر ادراكاً لمصالحهم الطبقية من جهة، وأكثر استعداداً لمقاومة سياسة السلطة الحاكمة التي تحمي الطبقة البرجوازية ممثلة بحثالاتها السياسية وهي سلطة الإسلام السياسي الغارقة بالنهب والسرقة والفساد.
ان سبيل الارتقاء بهذه الاحتجاجات وتحويلها الى حركة عمالية مقتدرة على صعيد المجتمع وان تتحول من خندقها الدفاعي الى خندق الهجوم، ليس من أجل مصالحها فحسب بل من اجل مصالح المجتمع برمته، يكمن بـ:
أولا: التنظيم وتنظيمها لنفسها. لا يمكن للطبقة العاملة أن تنتصر في احتجاجاتها دون التنظيم، دون الصف الموحد والواعي والمتراص للعمال. ان ادامة هذا الشكل وانتظامه وتواتره، والارتقاء به عبر اشكال تنظيمية مختلفة بدءا من التنسيقيات واللجان المركزية، والصندوق العمالي، ومرورا باللجان المعملية، ولجان العمال في المحلات ومناطقهم السكنية او تشكيل النقابات، وانتهاءا بتشكيل المجالس العمالية التي تستند على الاجتماع العام كما نراها على الصعيد العملي في عدة قطاعات ومواقع عمالية، هي خطوات لا غنى لها لفرض التنظيم العمالي الجماهيري والقاعدي الواقعي والمعبر المباشر عن مصالح وارادة العمال على السلطة والحكومة القائمة التي تسعى بألف طريقة وطريقة لحرمان العمال من كل أشكال التنظيم.
ثانيا: توحيد الاحتجاجات العمالية وتحت لائحة عملية ومطلبية واحدة لحشد كل عمال العقود والاجور المؤقتين في عموم محافظات العراق وانخراطهم في هذه الحركة عبر تشكيل شبكة عمالية على الصعيد القطر كي تتحول الى قوة لا تقهر وإفشال اية محاولة من السلطة للانفراد بقطاعات معينة ومحاولاتها لدق اسفين في صفوف العمال.
ثالثا: السعي لنشر الوعي العمالي حول مطالب العمال المؤقتين على صعيد المناطق ومحلات السكن لكسب تضامن الجماهير مع هذه الاحتجاجات عبر تشكيل فرق من نشطاء وفعالي هذه الاحتجاجات للترويج والدعاية وشرح مطالب العادلة للعمال المؤقتين.
رابعا: التحرك الواسع من اجل كسب وضم سائر عمال العراق، أي العمالة الثابتة او ما يسمى بالملاك الدائم. ان تطور هذه الحركة الاحتجاجية مرهون بهذا التحرك ايضاً ليلتحقوا بها ويدافعوا عنها ويمارسوا ضغطهم على السلطة الحاكمة. إن هذه قضية العمال في كل موقع عمل، وليس العمال الوقتيين حصراً. إذ أن مصير العمال، الدائميين أو المؤقتين، واحد!
خامسا: كسب التضامن الاممي للاتحادات والمنظمات العمالية العالمية والأحزاب والقوى السياسية والشخصيات التحررية والتقدمية للضغط على الحكومة من اجل تنفيذ مطالب العمال المؤقتين وعبر آليات مختلفة مثل ايصال النداءات وبيانات وفيديوهات ومقابلات نشطاء وفعالي هذه الحركة الاحتجاجية الى العالم عبر شبكات التواصل الاجتماعي والوسائل الاعلامية المتاحة.
ان الحزب الشيوعي العمالي العراقي يقف في خندق واحد مع هذه الحركة الاحتجاجية، ويعمل بكل ما اؤتي من جهد وقوة من اجل انتصارها وتحقيق مطالبها الراهنة والفورية.
عاش نضال عمال العراق!
عاشت الحرية والمساواة!
الحزب الشيوعي العمالي العراقي
١٥ حزيران 2020