عبدالرحمن باعباد يكتب:

المجلس الانتقالي بين صعوبة الموقف والطموح الجنوبي المأمول

يعيش الشعب الجنوبي بشكل عام، والمجلس الانتقالي ممثل وحامل القضية الجنوبية بشكل خاص مرحلة صعبة وحرجة ومصيرية من خلال تعرضه لضغوط ما يسمى بالضبط الخارجي، والحملات العدائية من قبل القوى الشمالية بكل أطيافها السياسية، والفكرية، والمذهبية، والطائفية، وأصبح يعيش على واقع تشتعل فيه نار الحقد والكراهية؛ واقع يسوده الطمع في التحكم الفكري، والسيطرة الجغرافية؛ إلا أن المجلس الانتقالي رغم كل ذلك استطاع في فترة قصيرة أن يحقق الكثير من الإنجازات والاستحقاقات في مختلف الأصعدة، وبات قوة لا يستهان بها، وفرض واقعا جديدا على الأرض، حيث اصبح متغيرا أساسيا في المعادلة السياسية والعسكرية، ولاعب ارتكاز في صياغة واقع الحكم المستقبلي للبلاد، وبات من المستحيل نجاح أي مفاوضات دون أن يكون المجلس الانتقالي طرفا أساسيا فيها.


لذلك فالأمر يتطلب التفاف جميع أطياف الشعب الجنوبي والوقوف إلى جانب المجلس الانتقالي كخيار موضوعي لتخطي الواقع الصعب، وتحقيق الطموح المأمول، رغم الخلاف حول بعض الوسائل والأساليب المتبعة، وعدم الرضا عن بعض شخصيات المجلس، وبعض قراراته الذاتية وغير الموضوعية؛ إلا أن الظروف تفرض علينا هذا الخيار كواقع يصعب التخلي عنه؛ وذلك لعدم عقلانية غيره من الخيارات في الوقت الراهن .


وفي المقابل فان المجلس الانتقالي مطالب بالخروج من القالب أو البرج الذي يعيش فيه وإيجاد قاعدة مرنة لتحسين وممارسة مهارات التحاور والتفاوض، وتقديم بعض التنازلات الممكنة، والتخلي عن الرغبات الشخصية، والقبول بالرأي الأخر بالشكل الذي يؤدي إلى ردم الفجوة بين الانتقالي وبين بقية المكونات الجنوبية وخلق بيئة أمنة يسودها التلاحم والتألف.


ومن أجل تحقيق كل ذلك فإن الأمر يستوجب وجود نية صادقة، وصياغة رؤية واضحة ودقيقة تحدد ما ينبغي أن نكون عليه، وتستجيب لاتجاهات كافة أطياف الشعب الجنوبي؛ رؤية تتجسد فيها الطموحات التي رسمت في عقل كل جنوبي، كما يجب تمثل القيم السامية التي تتجسد في تعميق مبادئ الولاء والانتماء وحب الخير للجميع، بالإضافة إلى رسم أهداف استراتيجية تتكاتف جميع الجهود وتتكامل في سبيل تحقيقها لردم الفجوة بين الواقع الذي نعيشه، والمستقبل الذي نحلم فيه.


وفي ظل الضروف الصعبة التي يعيشها الجنوب، والتطورات السياسية والعسكرية السريعة والمتلاحقة بات واجب على المجلس الانتقالي ادارة المواقف بفكر الادارة الاستباقية القائم على منهج إحداث التغيير كبديل للتفاعل مع المتغيرات أو الاستجابة لها، وممارسة فكر المبادأة القائم على المشاركة في مشاكل المستقبل، وتقديم تقنيات ادارية حديثة، والقدرة على المخاطرة المحسوبة.


وهذا لن يتحقق إلا بتكوين وحدة لإدارة الازمات والطوارئ تظم خبراء واكادميين في مختلف المجالات، للمساهمة في صناعة وترشيد القرارات بعيدا عن سياسة رد الفعل الذاتية والآنية، من خلال دراسة الاحداث وتحليلها، ومعرفة الأزمات المحتملة واتجاهاتها، والعوامل المؤثرة فيها، ووضع الخطط الكفيلة في ادارتها والتعامل معها.