نورا المطيري تكتب:

بين معسكري السلام والإرهاب

بات الإصطفاف اليوم، بين المعسكرين، أشدّ وطئا من أي وقت مضى، حيث يدفع معسكر الإرهاب، الذي تقوده تركيا وإيران وقطر، وجنوده من مليشيات الإخوان والقاعدة وداعش وحركة أنصار الله وحزب الله وغيرها من الجماعات الإرهابية التي تكومت في سوريا وليبيا والعراق واليمن ولبنان، إلى ساحة الحرب، بينما يحاول معسكر السلام ومكافحة الإرهاب المضي الواثق في طريق السلام.

هذه حقيقة المشهد السياسي العربي بكلمتين، وهذا ليس مجرد رأي شخصي، إنما حقيقة يراها المجتمع الدولي أيضا واضحة كعيان الشمس، حتى أن أوروبا تقولها على لسان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن “أردوغان يلعب في ليبيا لعبة خطيرة وأن فرنسا لن تتسامح مع تدخل تركيا”، وهو رأي تتفق عليه قوى المجتمع الدولي، وأظنهم تجاوزا شمّ رائحة البارود التي بدأت تتصاعد، ويفكرون اليوم، كيف يمكن لـ “الذئاب الرماية”، أن تهدأ..!

معسكر الإرهاب، ما عاد يخفي نواياه على الإطلاق، فهم ينتشرون كالنار في الجحيم، يدعمهم إعلام الجزيرة الفاضح الذي يتغنى على صوت طبول الحرب ويشجع نقل المرتزقة الإرهابيين من سوريا إلى ليبيا بل تدريبهم في معسكرات ميليشيات طرابلس ليصبحوا رجال أمن لها بوظيفة في وزارة الداخلية، ويصفقون لعمليات الحوثي الإرهابية المدعومة من إيران ضد اليمن والسعودية، بل يتغزلون أيضا بأثيوبيا تملأ سد النهضة ليكسروا شوكة مصر، التي لا تُكسر، والتي وقفت بعنفوان العروبة الأصيلة تدفع عن ليبيا، بطلب من حكمائها، شرّ الذئاب التي فقدت عقلها، وراحت تعيث فسادا، شمالا وجنوبا.

ومع أن معسكر السلام، الذي يضم دولا عربية عديدة، على رأسها مصر، يمتلك القدرة والكفاءة على هزيمة هذا الشرّ المتهدج الصاخب، بضربة واحدة، إلا أن الحكمة تستدعي التريث، وعدم الإنجرار وراء هذا الجنون الذي يدعو للحرب، فتركيا تظن أن ليس لديها ما تخسره، فهي تريد محاربة الليبيين بالمرتزقة السوريين وبتمويل قطري، بل وتظنّ أيضا أنها ستكون رابحة حتى لو خسرت، وهي المسألة المؤكدة سلفا، ولكن معسكر السلام، لا يريد أن يرى دماء الليبيين تهدر هنا وهناك بلا طائل، وسيحاول حتى آخر رمق متاح، لمنع الحرب ومنح الليبيين وحدهم، حق تقرير مصيرهم وسيطرة جيشهم الوطني على مقدرات بلادهم.

لا يختلف الأمر كثيرا، بين المعسكرين، في الساحة اليمنية، لكن المتفق عليه، أن معسكر الإرهاب، يحاول في مسارين متوازيين، الحوثية الإرهابية المدعومة من إيران في مسار التصعيد العسكري وقتل المدنيين وإغتصاب النساء ومنع المساعدات الإنسانية وكذلك جماعة الإخوان المدعومة من قطر وتركيا في مسار إفشال تنفيذ إتفاق الرياض والتصعيد العسكري نحو الجنوب ومنع تشكيل حكومة كفاءات مناصفة بين الشمال والجنوب وقطع رواتب الجنوبيين وعرقلة جهود معسكر السلام الذي يتزعمه التحالف العربي بقيادة السعودية، بأي ثمن ووسيلة متاحة أو غير متاحة.

مصر بقامتها العريقة، حربا وسلما، والتحالف العربي بقيادة السعودية المباركة، يمتلكون الحكمة الكافية لمنع معسكر الإرهاب من التقدم خطوة واحدة، كما منعوه أول مرة، يوم مقاطعة قطر بهدف تجفيف مصادر تمويل الإرهاب، وسيستمرون، غير مباليين، بالتلويحات الفارغة والتصفيق المزعج، حتى تهدأ الذئاب الرمادية، وتعود إلى جحورها خائبة، وسيتم تنفيذ إتفاق الرياض رغما عنها، وستعود ليبيا عربية حرة أصيلة، سواء بقوة السلام أم بقوة السلاح.