وليد ناصر الماس يكتب:

صراع الأقطاب العالمية... تداعيات خطيرة على المنطقة العربية !

يتمثل الصراع العالمي اليوم بين الولايات المتحدة الأمريكية من جهة، وكلا من روسيا والصين من جهة ثانية.
محددات الصراع الراهن تتعدد وتتنوع فمنها السياسية وأخرى اقتصادية وعسكرية أيضا، وبذلك فهناك سباق محموم بين تلك القوى للتربع على العرش العالمي، إذ تُبذل خطوات مهمة وجريئة لإزاحة الهيمنة الاميركية على هذا العالم، والتخلص من نظام القطب الواحد واستئثاره بالمصالح الدولية دون الآخرين.

في هذة المرة يبدو أن الكلب الامريكي أضناه السباق وأخذ يلهث بشدة مما يلاقيه في مواجهة الدب الروسي وتنين الصين، الذان أظهرا تفاعلا لافتا واقتدارا غير مسبوق وحنكة بارعة في إدارة اللعبة الدولية وضبط مسارها.
واشنطن باتت اليوم تأن تحت وطأة ديون ضخمة فاقت كل التصورات، افقدتها التوازن والثقة وانعكست على اقتصاد البلد برمته، الذي أظهر تماسكا محدودا، وأثبت عدم قدرته على الصمود طويلا، في وجه مختلف التحديات والتهديدات التي لم تتوقف لحظة.

صراع الأقطاب الكبرى يجري اليوم في أكثر من مكان واتجاه، المنطقة العربية ذاتها لم ولن تكن في منأى عما يجري، وهي في نفس الوقت منطقة نفوذ أمريكية حصريا، بالوقت ذاته لا تتجه الصين نحو الهيمنة على الدول الأخرى من خلال المواجهة وقوة السلاح، فسجلها الاستعماري جيد، ولكنها تعتمد على إعصارها الاقتصادي الذي أخذ يجتاح دول العالم دون هوادة، والمتمثل في تعزيز شراكتها التنموية والاقتصادية مع العديد من الدول حول العالم.

الأقطار والكيانات المتبقية في منطقتنا العربية لن تكون خارج المعمعة، بل أن دورها سيكون مقتصرا هنا على حماية المصالح الأمريكية وتعهدها بالرعاية، وهو أشبه إلى حد بعيد بالدور الذي نهض به حكام العرب أثناء الحرب العالمية الثانية، حين أحالوا بلدانهم إلى محطات لإمداد دول الحلفاء وجيوشها بما تتطلبه من وقود ومواد خام أخرى، مقابل وعود كاذبة بالحرية والاستقلال لتلك البلدان.

الشعوب العربية تعيد تكرار تاريخ نكباتها وخيباتها بكل تفاصيله المملة والمريرة، ويأبى الحاكم العربي إلا إن يجعل من نفسه حارسا أمينا لمصالح خارجية، ومن بلده تابعا للآخرين فاقدا للأهلية والسيادة.
غياب الرؤية الوطنية الواضحة والواحدة، وتباين المشاريع السياسية والمواقف إزاء العديد من المصالح والقضايا المصيرية، شكل أهم العوامل الرئيسية في حشر الثوابت العربية في أضيق زاوياها، وأضعف الموقف التفاوضي بشأن أهم القضايا العربية وأكثرها حساسية.
متى ياترى يعود حكامنا لقراءة تاريخ الماضي القريب، وأخذ منه كل ما يلزم من دروس وعبر؟.

والله على ما نقول شهيد.