محمد نافع يكتب:
الإمارات وسلام الشجعان
معاهدة السلام التاريخية التي وقعت بين دولة الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل برعاية الولايات المتحدة الأمريكية، كانت أول وأسرع نتائجها إيقاف قرار إسرائيل بضم أراض فلسطينية كانت تريد بناء مستوطنات عليها، إذن لا شك أن هذا الاتفاق له فوائد ملموسة في المنطقة ككل، وسيساهم بصورة إيجابية في خلق سلام شامل بالمنطقة التي عانت لعقود مضت حروباً ونزاعات، وأيضاً أخطر من ذلك عانت من ظهور أعداء جدد بمشاريع توسعية عبر استغلال القضية الفلسطينية، من أجل أن تكون ذريعة للتمدد وكسب تعاطف الشعوب العربية ناهيك عن البحث عن ثروات تلك الدول.
وفي نفس السياق كانت أولى هذه المشاريع التوسعية، مشاريع إيران والتي استغلت القضية الفلسطينية عبر “الشعارات الزائفة” والخطابات الفارغة التي هرمنا من سماعها كـ”نحن قادمون يا أقصى”، و بدلاً من أن تقوم إيران بمحاربة إسرائيل نجدها تتمدد في أربع عواصم عربية والهدف كما يزعمون هو تحرير فلسطين! .
ولو قمنا بعمل بحث عن عدد من قتلتهم إيران من الشعوب العربية في حروبها خلال ست سنوات، نجده يفوق ما فعلته إسرائيل في ستة عقود، وفي هذه الأثناء ظهر مشروع جديد لا يقل خطورة عن مشروع إيران، مشروع تركيا والتي لا يكاد يمر يوم إلا ونسمع فيه خطابات رئيسها “أردوغان” حول تحرير فلسطين والقدس، وواقع الأمر يقول: إنه يقيم علاقات مع إسرائيل منذ بداية تأسيسها وحتى الآن، بل توجد مصانع للسلاح الإسرائيلي في تركيا وهناك تبادل تجاري بأرقام كبيرة بين البلدين.
كانت مخرجات هذه المشاريع التوسعية الهدامة أن عاشت منطقتنا الفوضى والحروب وكانت ذريعة هذه المشاريع التوسعية الاستغلال والمتاجرة بقضية فلسطين. و من هنا جاءت معاهدة السلام الإماراتية الإسرائيلية لتقطع الطريق أمام المشاريع التوسعية، والتي لطالما استغلت القضية الفلسطينية من أجل أطماعها ونهب عن ثروات الدول العربية، وبالوقت نفسه لم تطلق رصاصة واحدة على إسرائيل، بل كانت ومازالت جل تدخلاتها وحروبها ضد الدول العربية وشعوبها وهذا ما تفعله إيران وتركيا بمشاريعهما التوسعية بمنطقتنا العربية.
يتبادر في أذهاننا: إلى متى سيتم خداع بعض الشعوب العربية عبر ما يطلقه قادة المشاريع التوسعية بخطاباتهم الفارغة عن تحرير فلسطين كي تزيد من شعبية لا يستحقونها؟ وواقع الأمر يقول لن ولن يحرروا شبراً من فلسطين، فقط كل ما هنالك خطابات عاطفية تهدف بالأول والأخير لخداع الشعوب العربية كي يتم تمرير مخططات مشاريعهم، والتي تهدف إلى التمدد والتوسع ونهب ثروات العرب وبالوقت نفسه لم يطلقوا أي رصاصة ضد إسرائيل!.
سابقاً شاهدت تغريده في موقع تواصل “تويتر” كانت لأحد قادة حماس، حيث قدم شكره لأردوغان على “التطبيع المثمر مع إسرائيل” متابعا على حد قوله “سيسفر ذلك من فتح قناة اتصال قوبة لحركة حماس مع إسرائيل”، وهذه التغريدة تعطينا يقيناً عن مدى ازدواجية المعايير التي تعاني منها حماس، والتي تبارك بشدة لسلام تركيا مع إسرائيل، وبنفس الوقت ترفض أي سلام تقوم به الإمارات، علماً أن اتفاق السلام الإماراتي كان وبقوة لصالح قضية فلسطين عبر إيقاف قرار الضم.
باتت الظروف الآن مهيأة أكثر من أي وقت مضى لكي تعود الحياة إلى المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، ولتحريك المياه الراكدة وإنهاء الظروف التي عصفت سابقاً وحتى الآن بمسار السلام، الفرصة الآن كبيرة لعمل سلام شامل وكامل بالمنطقة العربية، ولكي نضع النقاط على الحروف، فإن الإمارات لن تكون آخر دولة عربية تقيم معاهدة سلام مع إسرائيل. من الوهلة الأولى سارعت المواقف الدولية لمباركة الاتفاق الذي تم يأتي امتداداً للمواقف الراسخة لدولة الإمارات دعماً لقضية فلسطين، وقد باتت دولة الإمارات العربية المتحدة نمودجاً للتعايش بين كل الأديان ومنبرا للسلام، وهذا النهج الذي أسسه المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، فهنيئاً لنا بدولة السلم إمارات السلام.
بالمختصر إن قيام دولة الإمارات العربية المتحدة بخطوتها، ما هو إلا قرار سيادي من صالح القضية الفلسطينية والفلسطينيين أولاً، ومن صالح المنطقة العربية ثانياً، اذ من متوقع أن تكون هذه المعاهدة بداية لحقبة زمنية جديدة عنوانها السلام، وقطع الطريق أمام مشاريع إيران وتركيا اللتان استغلتا قضية فلسطين ذريعة للتمدد في عالمنا العربي ووجهتا سهاما ضد الشعوب العربية.