علي رجب يكتب:
لماذا لم يتم اعلان دولة فلسطينية قبل 1967؟
تساؤل يجول في خاطري منذ عدة اشهر، هو لماذا لم يستغل الفلسطينيون والعرب الفرص في اقامة دولة فلسطينية سواء بإعلانها بشكل احادي في فترة الاحتلال البريطاني وثورة 1936 التي عرفت فيما بعد بأنها "الثورة الكبرى" ضد الانتداب البريطاني والمطالبة بالاستقلال، وإنهاء سياسة الهجرة اليهودية المفتوحة، وشراء الأراضي، والهدف المعلن المتمثل في إنشاء "بيت وطني يهودي، او مرحلة الصراع مع الكيان الجديد "اسرائيل" في صراع الاربعينات وحى 5 يونيو 1967، في ظل رضاء منظمة التحرير الفلسطينية والعرب بإقامة دولة فلسطينية على حدود 67.
التساؤل الدائر قادني الى سؤال صديقي الباحث والمفكر محمود جابر والملم بعلاقته بالفصائل الفلسطينية وقراءته للقضية الفلسطينية باعتبار عروبي قومي، وهو ما اسفر عن مزيد من التساؤلات، حول متى كانت هناك دولة في الجغرافيا الفلسطينية على غرار سوريا والعراق وليبيا ولبنان، ولماذا يفتقر الفلسطينيون إلى افراز قيادات فلسطينية فوية تقود القضية وتنجو من القراءات والقرارات السياسية الخاطئة التي تؤثر على مستقبل اقامة الدولة، وشاركنا لاحقا الصديق والباحث في الشؤون الافريقية والدولية محمد الدابولي.
بيئة جغرافيا فلسطين ليس قادرة على إنتاج زعماء وقادة سياسيون منذ الهكسوس وما قبلها ومابعدها.. الكنعانيون أرض طاردة رغم جمال الطبيعة.. منذ نزوح يعقوب وأبنائه والاحتلال بهوياته المختلفة وصولا للاحتلال العثماني ثم البريطاني وحتي ثورة 36 وما بعدها من صراع وصولا لتأسيس منظمة التحرير الفلسطينية بدعم مصري كامل، بزعامة ياسر عرفات للمنظمة ماله وما عليه أثبتت على عدم وجود قيادي يدرك أبعاد القضية وكيفية إدارتها وأخطاء لبنان وموقف احتلال صدام للكويت وموقف حماس من سوريا بعد 2011 ثم مصر بعد 2013 يوضح عدم وجود قيادة حقيقة للقضية وهو جزء يرتبط بالبيئة الطاردة ثم ظروف انشاء إسرائيل..
العامل الاخرى هل تتعلق بعلاقات "الامارات" التاريخية في فلسطين كمارة عكا والقدس وغيرها، والعلاقات المتنافرة بين هذه المدن والبارز حاليا بين رام الله وغزة، واستقلالية كل مدنية بمكونها الثقافي والاجتماعي، وربما يرجع ذلك الى لاحتلال العثماني الطويل وتقسيم العثمانيين الجغرافيا الفلسطينية عام 1888-1887 م إلى مقاطعات (سناجق) القدس ونابلس وعكا. سنجق القدس كان يدار مباشرة من إسطنبول، وأما عن سنجقي نابلس وعكا كانتا تتبعا ولاية بيروت –العاصمة اللبنانية.
صديقي محمد الدابولي ، اشار الى وجود قيادات فلسطينية ظهرت في النضال الفلسطيني منذ عام 1964 ، كأحمد الشقيري وجورج حبش، ومعهم ياسر عرفات، ثم لاحقا احمد ياسين مؤسس حركة حماس، لكن هذه لقيادات كانت "مراهقة سياسة" وفقا للايدلوجية السياسة، وليس مشروع وطني وخطة كبيرة للحصول على الحقوق، يمكن القول ان المشهد الفلسطيني الان يعاني من وجود قيادة فلسطينية تجمع اطياف الشعب بتنوع ثقافاته وايدلوجية السياسية وتنوعه الديني في انقاذ القضية من الغرق والنسيان.
محمد الدابولي عرج الى التغير في المشهد الفلسطيني مع بدايات 1964 بأنشاء "م ت ف" في عام 1964 تنازع فصيليين أحدهما يري التروي في اعلان المقاومة الفلسطينية واعلان الدولة مثل أحمد الشقيري حتي لا يثير دولا عربية كالأردن وسوريا وفريق أخر أطلق عليه المجانين كان يري أن يكون القرار الفلسطيني فلسطيني بقيادة ياسر عرفات.
العامل الآخر غياب عنصر الرجل العسكري القوي والبارز في جغرافية فلسطين وشتات الإمارات بين عكا والقدس ويافا ضاعف من غياب قائد حقيقي ، تحرير مدن الجغرافيا الفلسطينية يأتي من الخارج ، وأغلب تاريخ فلسطين منذ العهدة العمرية "تسلم الخليفة الثاني عمر بن الخطاب مفاتيح القدس"، وحتي الآن خاضعة لقوى خارجية. .
عامل آخر هو مدي حسابات دول الجوار قبل 48 لجغرافيا الفلسطينية وتأسيس أبناء الهاشميين ممالك في الأردن العراق سوريا ولماذا غابت فلسطين باستثناء المسجد والقدس.
يمكن القول إن عدم وجود دولة يرجع لعوامل تاريخية في الشخصية الفلسطينية؛ عوامل سياسية التخبط تارة متاجرة دول عربية تارة أخرى ومخططات دول كبرى أيضا في الحسبة المعقدة ، عوامل جغرافية بصراع المدن في الجغرافيا الفلسطينية، انتظار الحل من الخارج، ظواهر مختلفة .
لكن يبقى السؤال ماذا لو أعلنت دولة فلسطين قبل 1967 هل كانت إسرائيل قادرة على احتلال عضو في الأمم المتحدة وليس أجزاء من هذه الأراضي وهل كانت ستكون هناك قيادة فلسطينية قادرة على إعادة الأراضي المحتلة عبر القطم أم أن الأمور لم تكن تختلف كثيرا عن الآن.
حتى الان لا أجد اجابة.. لماذا لم يتم اعلان دولة فلسطينية قبل 1967؟ حقا انها ليست قضية الفرص الضائعة ولكن غياب القيادة والرؤية.