مشعل السديري يكتب:

يا مدبّر العربان دبّر نفسك

صحيح أن كل واحد لا يأخذ في هذه الحياة إلا نصيبه، رغم أن بعض الناس لا يملأ بطونهم غير التراب، وليس هناك أبلغ من الوقائع المؤكدة.
ومن ضمنها أن أحدهم اشترى جرة فخار صينية من أحد متاجر البضائع القديمة، وذلك عام 1946، بسعر (9) جنيهات إسترلينية. ووضعها في منزله، وتم تناقلها بين أفراد العائلة من بعده حتى آل المنزل في النهاية إلى أحد أحفاده الذي قرر بيعه بما فيه من مفروشات أكل الدهر عليها وشرب، فلما شاهده السمسار الذي يسجل محتويات المنزل، لفتت نظره تلك الجرة القديمة وأبدى إعجابه بها، مما جعل الحفيد يستثنيها من التسجيل، ويقرر عرضها في المزاد للبيع. وما أن فحصها الخبير المقيم حتى اهتم وقت العرض بها، مما ساهم في ارتفاع ثمنها الذي وصل إلى (200) ألف جنيه، وكاد صاحبها يطير من الفرح، إذ إن ثمنها بلغ ثلاثة أضعاف ثمن المنزل، فانحلت ضائقته المالية، مما دفعه إلى التراجع عن بيع المنزل.
غير أن فرحته لم تكتمل وتستمر، إذ سمع في الأخبار أن الذي اشترى الجرة نفسها قد باعها العام الماضي بـ(2.5) مليون جنيه في مكان المزاد نفسه، وكاد عقله يطير، بل إنه طار من شدة الأسف والقهر والحسد لمن باعها، وكسب فيها ذلك المبلغ الهائل، فانقلبت حياته إلى نكد.

ومع أنه كان من المفترض أن يحمد ربه، فكل إنسان لا يأخذ إلا نصيبه، فصاحب متجر البضائع القديمة فرح ببيعها بـ(9) جنيهات، وهو فرح ببيعها بـ(200) ألف جنيه، ويحق لمن اشتراها أن يفرح كذلك بما حصل عليه، ولا أستبعد أنه سوف يبيعها في المستقبل بأضعاف مضاعفة - هذا إذا حافظ عليها من الكسر - لأنه ثبت أنها تعود إلى أحد الأباطرة الصينيين في القرن السادس عشر، ولو أنني كنت مكانه لعضضت عليها بالنواجذ.
***
خذها نصيحة مني يا ابن الناس: إذا كنت رجلاً بحق وحقيق، فلا ترتفع أمام المتواضعين، ولا تتواضع أمام المرتفعين. أكرر: هذا إذا كنت رجلاً بحق وحقيق.
أما إذا لم تكن (فبقريح)، فكن كما شئت والله لا يردك. ويحق لمن يقرأ نصيحتي هذه أن يقول لي: يا مدبّر العربان دبّر نفسك.
***
لا شك أن للمسؤولين سلطاناً على الأرض أكثر من أي شخص آخر، ولكن رغم ذلك، دلوني بالله عليكم على ذلك المسؤول الذي يستطيع أن يوقف (عطسة)!