نورا المطيري تكتب:
شرعية الحوثية الإرهابية
بالصدفة العمياء، وخلال مكالمة هاتفية تحدثت فيها مع شاب يمني، لا يفقه بالسياسة، لكنه يتبجح بأنه زيدي شمالي، ولحسن الحظ أنه لم يعرفني فسألته عن حال اليمن، فقال: “الأمور طيبة جدا ولكن هناك شخص يُدعى هادي يظن نفسه رئيسا وهناك مجموعة خرجت من الجنوب تطلب الانفصال، ولكن ذلك كله لن يؤثر على حكومتنا في صنعاء”.
لم أصدق ما اسمع، شعرت أن هناك خلل ما، فهذا الشاب لاجىء يمني في دولة أوروبية، يعمل في مجال التجارة، يقول بأنه قد سافر مع والده قبل بضعة سنوات، وتوفي والده، وبقي مع أمه وشقيقتيه حتى حصلوا على اللجوء، وتبين لي أنه لا يتابع الشأن السياسي على الإطلاق، ولا يعلم شيئا عن اليمن.
فكرت، هذا النموذج يستحق التوقف والدراسة، كيف يكون هناك يمني واحد، يؤمن بأن الحوثية هي الشرعية، ألم يسمع بهيمنة إيران على القرار الحوثي؟ ألا يدري بما يفعله الحوثي في النساء من اغتصاب وسجن وتعذيب وفي الأطفال من تجنيد وحرمان؟ ألم يسمع بانتهاكات الحوثية تجاه المساعدات الإنسانية؟!؟
ربما، من وجهة نظري، ان هذا الشاب وغيره الكثيرين، من شباب اليمن، الذين كبروا بعد إحتلال صنعاء، من قبل الحوثية الإرهابية، سواء ظلوا هناك أم سافروا، قد تم عزلهم إعلاميا، بحيث يشاهدون قنوات وأخبار الجماعة الحوثية، ويصدقون أن تلك الزمرة المتمرة، قد أصبحت حكومتهم التي تعبر عنهم..!
هؤلاء، ومع أن بعضهم موجود على مواقع التواصل الإجتماعي كتويتر وفيس بوك، لكنهم باتوا مقتنعين، بشكل أو بآخر، أن حكومة الرئيس هادي، لم تعد تمثلهم، ولأنهم نشأوا في ظل الإستبداد والإستعمار الحوثي الذي يقوم على وحدة شطري اليمن، يرون أن من يطالبون بانفصال الجنوب على خطأ، وأنه يجب أن يعود الجنوب تحت مظلة عبدالملك الحوثي وأن رئيسهم الفعلي مهدي المشاط..!!
الخلل ليس بذلك الجيل على الإطلاق، إنما الخلل أولا في التجمع الوطني للإصلاح، أكبر أحزاب اليمن، ذراع الإخوان المسلمين، الذي قدم للحوثية الشرعية التي تريد في العام 2015 وتحالف معهم وفتح لهم بوابة الكرامة، فظن الناس في الشمال، دون إستثناء، بأن الحوثية تستحق أن تحكم، لما قدمه الإصلاح آنذاك من تسهيلات شرعنت الحوثية، والخلل الثاني في الأمم المتحدة التي تعامل الحوثية كند وطرف دولي، أما الخلل الثالث فيكمن في الشرعية اليمنية التي تم إختراقها منذ سنوات، وبات كل وزير فيها لديه وجهة نظر مختلفة، وولاء مختلف، ونظرة مختلفة تجاه معالجة القضية اليمنية فمنهم من أعلن ولاءه لتركيا وقطر وينفذ أجندتها ومنهم من بات يقود مجموعات لوحده في الداخل اليمني، يهاجم هذا ويتحالف مع ذاك، ثم يبدأ افتعال المعارك التي لا تقدم ولا تؤخر.
الخلل في التركيبة اليمنية، جعلت الذئاب المنفردة ترفض اتفاق الرياض، ثم ترفض تنفيذه، ثم ترفض مصفوفته وأخيرا، ومع الخطوات الجادة بتعيين محافظ عدن، يرفضون آليات تسريع إتفاق الرياض، ومع ان شهادتي مجروحة في الجنوبيين، إلا أنني لاحظت أنهم ومنذ حوار جدة، وحتى اليوم، يحاولون بشتى الوسائل تنفيذ اتفاق الرياض، إكراما للتحالف العربي، وللقيادات العليا التي ترى في هذا الإتفاق الحل الأمثل لتوحيد الصفوف، الشمالية والجنوبية لإنهاء التمرد الحوثي.
بعض اليمنيين كبعض الفلسطينيين يريدون الدعم المالي والعسكري والإنساني، ولا يريدون أن يحاربوا، ويريدون أن تحارب السعودية والإمارات نيابة عنهم، ولكنهم في كل مرة، وفي كل إتفاقية يقوم بها التحالف العربي، يتحولون إلى وطنيين، ولا يريدون أن يتدخل أحد في شؤونهم، ولهذه المزاجية، بدت الحوثية المتمرة الإنقلابية، في عيون بعض أهل الشمال، هي الحكومة الشرعية.