رحيم الخالدي يكتب:
الصراع العالمي في "العراق والشرق الاوسط"
تتسابق أوربا وأمريكا على وضع قدم في الشرق الأوسط، منذ زمان بعيد وبعد إستقلالية الدول وتخلصها من الإستعمار، ها هم اليوم يتسابقون من جديد لنهب ما تبقى من تلك الثروات، التي تنعم بها هذه المنطقة، فقبلنا نهبوا أفريقيا من الذهب والماس، وإستثرت تلك الدول المستعمرة، صانعة الحروب الطائفية بين ابناء البلد الواحد، بغية عدم لفت الإنتباه! وبالطبع فأن هذه الثروات كانت وبال علينا، لاسيما العراق .
بعد التحول الذي جرى في المنطقة، وضرب السيناريو الأمريكي، بالقضاء على "داعش" المصنعة بأفكار يهودية، وتمويل خليجي، وغطاء أمريكي، بفتوى الإمام السيستاني، صار لزاما على أمريكا إستبدال السيناريو، بإثارة الفوضى الخلاقة، التي أجهضت الإتفاق الصيني العراقي، وإستقالة السيد عبد المهدي، وإستبداله بآخر يكن الولاء لأمريكا، حسب رأي المحللين، ناهيك عن كثير من الإتهامات من قبل سياسيين عراقيين .
كانت التوقعات الأمريكية حسب إعتقادهم، أن العراق سيكون ولاية تابعة، لهم ويحلوا لهم السرقة والهيمنة على المقدرات العراقية، ولو حارب العراقيون هذا التنظيم، ستتدخل أمريكا، وفعلا حدث ذلك، واعطت مدة تقدر بــ ثلاثين عاما، للتخلص من هذا التنظيم الدموي والقضاء عليه، وخلال هذه المدة تكون قد أفرغت العراق، من كل مقوماته ورصيده النفطي، ناهيك عن ما تتناقله الوكالات العالمية، أن العراق لو فتح الآبار الغازية سيكون في مقدمة الدول المصدرة، وهذا ما دفع أمريكا مؤخرا بالتدخل بالشأن الداخلي ورعاية التظاهرات! .
السيد ماكرون كان أول الواصلين لبغداد، مستغلا الوضع اللبناني الذي تم تأشير حضوره، ولقائه بالقيادة اللبنانية، لكنه لم يؤشر أي نتاج على الساحة، سوى تضامنه مع شعب لبنان ومساعدات لا تصل للطموح، بيد أن العراق كان له اليد الطولى، والمساهم الأكبر في رفد دولة لبنان بالوقود المجاني، ناهيك عن المساعدات الطبية والإنسانية، لكن الإعلام اللبناني غفل كثيراً وذكر كل الدول المساهمة حتى لو كانت مساندة، ولم يتم ذكر تلك المساعدات العراقية !.
هنالك مقولة تقول: حين يظهر النفط يبدأ التنافس، لكن حين يظهر الغاز يبدأ الصراع، وصراع الغاز لا يتم تناوله في الأوساط السياسية فقط، بل ضمن الدول الإقليمية الكبرى، فهو الذي يفجر الحروب ويصنع المعارك، ففي بداية عام الفين وتسعة عشر، وحسب الدراسات الجيولوجية الأمريكية والروسية، تبين أن العراق يحوي على تركيب جيولوجي صخري نادر، يضم كميات هائلة من الغاز الطبيعي .
تتركز كميات الغاز هذه في محافظة كركوك بالدرجة الأولى، ولتبين مؤشرات الإقتصاد العالمي، أن العراق ومع نهاية عام الفين وعشرين، سيكون قادرا على دخول قائمة الدول الأولى المصدرة للغاز الطبيعي، حيث ذكر موقع "أويل برايس" الأمريكي، ومن خلال الكاتب "سيمون واتكينز" كشف أن المنطقة الجغرافية تحت محافظة كركوك، تعتبر الأغنى من حيث مصدر الغاز الطبيعي، ثم يأتي حقل المنصورية في محافظة ديالى بالمرتبة الثانية، وتقدر الكمية بــ خمسة ترليون قدم مكعب .
تقدر كمية الغاز المستخرج يوميا من حقل المنصورية، بــ ثلاث مئة وخمس وعشرون مليون قدم مكعب، ولكن مع زيارة رئيس الوزراء العراقي "الكاظمي" الى واشنطن أخيراً، ظهرت أنياب الدب الروسي، ليكشف السفير الروسي "ماكسيموف" عن عرض روسي سيقدم مجددا لرئيس الوزراء ورئيس البرلمان، من أجل الإستثمار في حقول العراق الغازية، مبيناً أن العراق أصبح أحد الدول القوية إقتصادياً في العالم .
بدأت الولايات المتحدة الأمريكية بمحادثات سرية، من أجل إحتكار الغاز الطبيعي! كما تفعل مع دول الخليج، وتستمر في هيمنتها على المقدرات طوال السنوات المنصرمة، كذلك إيجاد عدو وهمي لهم لغرض البقاء وحلب تلك الدول بهذه الطريقة، التي ما عادت تنفع مع العراقيين، كونهم كشفوا كل الطرق الشيطانية، التي إستعملتها سابقا، ناهيك عن تجديد المطالبات برحيلهم، وفق القرار الذي أصدره البرلمان والذي يقضي بخروج المحتل .
تسعى أمريكا بالإستحواذ على هذه الثروة الوطنية لتقوية إقتصادها، ليمدها لمئة سنة قادمة على اقل تقدير، لكن بالنسبة لموسكو فقد تعاقدت شركة "روسنفت" الروسية مع الاقليم عام الفين وسبعة عشر، على إحتكار إستثمارات الغاز في كركوك، حين كانت قوات الإقليم مسيطرة على المحافظة وما حولها، وهنا يعتبر التساؤل الآتي: هل الدعم المبطن الذي قدمته أمريكا لبغداد ضد أربيل في إستفتاء الإنفصال عام الفين وسبعة عشر، كان سببه عقود الغاز التي وقعتها عائلة بارزاني مع الشركات الروسية، لإعادة كنز كركوك المكتشف الى الإستثمار الأمريكي؟ أم أن الأمر محض صدفة في عالم السياسة! التي لا صُدَفَ فيها .