عمر علي البدوي يكتب:

متغيرات في الحالة اليمنية

لا يزال التحالف العربي يتصدى بنجاح للمسيرات المفخخة التي تطلقها الميليشيات الحوثية باتجاه السعودية، إذ تستمر في بعث رسائل ذابلة إلى مركز القرار في الرياض فحواها أن الجماعة لا تزال تحافظ على حيويتها في الواقع اليمني، فيما يواصل التحالف استهدافه الناجح لمواقع وعناصر تلك الميليشيات في محافظات الجوف ومأرب وهي تتقهقر وتفقد المزيد من الجبهات، إضافة إلى ما تلاقيه من تراجع وضعف، تبعا لمعاناة رعاتها في طهران.

الجماعة الانقلابية في صنعاء تحاول حجب عجزها وضعفها بالإمعان في خروقاتها لأي جهود لخفض التصعيد وتوسيع فرص السلام والتهدئة، وفي زيادة الانتهاكات الإنسانية وغير الأخلاقية بحق الشعب اليمني الذي يواجه تعسفا كبيرا بسبب سلوك ميليشيات الحوثي.

هناك تزامن مريب حدث في المسألة اليمنية، وهو الشبهات عن أعمال عرقلة وتعطيل تخوضها بعض الجهات ذات الجذور الإخوانية في طرف الشرعية، وتزايد الإشارات إلى بروز تعاون بين الحوثيين وجماعات من داعش والقاعدة في تيسير بعض المهام العسكرية والتلاعب بموازين القوى داخل الجبهات، وأخيرا تسريب خطير نقلته الصحيفة النمساوية  “دي بريسه” عن العميل السابق جايسون جي (اسم مستعار) يقول فيه إن قطر “تمول الحوثيين بشكل مباشر، ما يعني أنها تمول كذلك الهجمات بالصواريخ على السعودية”، بالإضافة إلى تمويلها لحزب الله والإخوان.

وتواصل السعودية من خلال دورها في قيادة التحالف تنفيذ مهام إنسانية وسياسية وعسكرية مجتمعة لمساعدة اليمن على تجاوز محنته، كما أنها تحشد دعم وطاقة المجتمع الدولي لإنجاح عملية تسريع وتنفيذ اتفاق الرياض الذي من شأنه موازنة كفة الأطراف الجادة في تطويق الخطر الحوثي.

كما قامت الرياض بتسمية الفريق الركن مطلق بن سالم الأزيمع على رأس قيادة القوات المشتركة، الذي يتوقع الجميع أن تسعفه خبرته في قيادة قوات درع الجزيرة إبان أزمة البحرين، وقبل ذلك في تحرير الكويت، على فك احتباسات الواقع اليمني وتفاصيله العسكرية والميدانية وتثبيت النجاحات الميدانية واستثمار انكشاف الجماعة الانقلابية في صنعاء لتحجيم عدوانها على الشعب والدولة.

ويساعد اتفاق الرياض ثم آلية تسريعه، في تصفية أجواء شركاء العمل من أجل الحدّ من نفوذ وتغول الجماعة الانقلابية، وفي تأجيل اشتباك الملفات المحلية، ليعاد التركيز على المسألة الرئيسة المتمثلة في أولوية الخروج باليمن من مأزقه. وبعد أن تعود الأمور إلى نصابها، يصبح في وسع الشركاء الحقيقيين والمتساوين في البلد إرساء قواعد العمل وتسيير شؤونهم بلغة التفاهم والتلاحم وليس بلغة الحرب والضرب.

لا أمل لجماعة الحوثي في السيطرة على اليمن، وإحكام قبضتها الكاملة عليه، لقد أصبح هذا ضربا من المستحيل وهذيانا من وحي الخيال. لقد جرى على الأرض الكثير من التغيير جعل من التضاريس اليمنية أشد ضراوة وقسوة ومنعة على الابتلاع والهضم.

الآن تحاول الجماعة الانقلابية أن تتحول إلى الوجه الآخر من اللعبة، بأن ترفع من وزنها التفاوضي، لتحصل على حصة ترضي نهمها للسيطرة.

يقبل التحالف بفكرة أن يكون الحوثيون جزءا معقولا ومقبولا من النسيج اليمني، بحكم وجودهم الديموغرافي، لكن الالتحاق بمشروع أجنبي يعادي دول المنطقة ويهدد أمنها، أو التعسف في الحصول على وزن سياسي كبير بمجرد توسيع الجرح اليمني والضغط عليه والاتكاء على سردية أيديولوجية رجعية ومخيال ديني واسع الحيلة، لا يكفي.

رغم ذلك يبدو العقل الحوثي مصرا على النجاح في ذلك، الأمر الذي يتسبب في إطالة أمد الحرب والإمعان في إيذاء الشعب اليمني وتوسيع خارطة وجعه المزمن.