سامي الريامي يكتب:
الإمارات اختارت طريق المستقبل
الشرق الأوسط يمر بمنعطف جديد وخطير، ملامحه واضحة، وتكتلاته مكشوفة، والمنطقة تشهد فرزاً في المعسكرات، فثمة معسكر اختار الارتباط بالماضي، بشعاراته الجوفاء، وكلماته العاطفية الرنانة التي لا تسمن ولا تغني من جوع، والتي لا تمت إلى الواقع بأي صلة، تصلح فقط للاستهلاك، والمتاجرة، وإثارة الشعوب المغلوبة على أمرها، ومعسكر آخر اختار المستقبل، بأفقه الواسع الرحب، وتقدمه العلمي، واندماجه مع المجموعة الدولية في واقع حقيقي جديد، بعيداً عن جميع شعارات الماضي التي لا قيمة لها في النظام العالمي المعاصر، ولا يتقبلها البشر في كل مكان، لتبقى تراوح مكانها في عقليات من يرددها فقط!
الإمارات اختارت الاصطفاف في المعسكر الثاني، المعسكر الواقعي المرتبط بالمستقبل، معسكر التقدم العلمي، والتطور التكنولوجي، اختارت هذا المعسكر لأنها دولة تسعى لرفاه ورخاء شعبها، وتعلم أن تطوير الإنسان هو المستقبل لتنمية الأوطان، ولأنها دولة وضعت قدمها على طريق العلم والتكنولوجيا، ولن تتراجع عن هذا المسار!
منذ نشأتها والإمارات تسير بسرعة فائقة نحو المستقبل، وضعت أهدافاً صعبة، وحققتها جميعها بهمة وطموح قادتها، وإخلاص أبنائها، تفوقت في مجالات الاقتصاد والتجارة والسياحة، وتفوقت في ريادة الفضاء، والعلوم والصحة، نجحت وتفوقت في كل شيء، وكان أحدث إنجازاتها إطلاق أول مسبار عربي للمريخ قبل أسابيع، ثم تشغيل أول مفاعل سلمي نووي عربي لإنتاج الطاقة الكهربائية النظيفة، وهذه الإنجازات لم ولن يصل إليها من يرددون شعارات جوفاء، وشعبهم يتضور جوعاً، رغم إمكاناتهم المالية والطبيعية الهائلة!
لسنا من تلك الدول المتلونة، التي تعتمد سياسات ضمن أجندات تقوم على مطامع وأحقاد، يظهرون شيئاً ويخفون أشياء كثيرة، خطابهم وكلماتهم شيء، وأفعالهم الشريرة شيء مختلف تماماً، على عكس الإمارات التي تسير وفقاً لقواعد ثابتة، تستند عليها في سياستها الخارجية، تقوم على مبادئ التعاون والتعايش والتسامح، ونشر السلام، وتعزيز الأمن والأمان، ونبذ العنف والإرهاب، ورفض لغة التهديد والوعيد، لتحقيق الاستقرار والازدهار في المنطقة والعالم.
الإمارات اتخذت قراراً سيادياً من خلال معاهدة السلام مع إسرائيل، وهو قرار يتماشى مع مصلحتها الوطنية، ومصلحة الشعب الفلسطيني ومستقبل المنطقة، في ظل الظروف الإقليمية المتغيرة، والأوضاع الدولية غير المستقرة، فالتحالفات في المنطقة تغيرت، واشتد التنافس حدة، وبات الصراع على الأدوار مكشوفاً، وكذلك الأطماع والأحقاد مكشوفة، ولا يمكن للإمارات أن تبقى صامتة حتى تتعرض للتهديد!
قرار الإمارات بإبرام معاهدة مع إسرائيل لا يعني تراجعها عن التزاماتها لدعم الشعب الفلسطيني، ولا التخلي عن القضايا العربية، فهذا التزام قطعته الدولة على نفسها منذ نشأتها، ولن تحيد عنه أبداً، بل على العكس من ذلك، فالمعاهدة خطوة في طريق تحقيق مكاسب لا يمكن أن تتحقق دون ترسيخ السلام