حميد طولست يكتب لـ(اليوم الثامن):
عندما تسمو الأيديولوجية على مصلحة الوطن ؟
كم ارتحت وغالبية الشعب المغربي لما تضمنه الخطاب الذي ألقاه صاحب الجلالة محمد السادس نصره الله بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الخامسة من الولاية العاشرة، من ، في استتباب أمن بلاده ، على نهج اقتصادي اجتماعي يهتم براحة كافة شرائح شعبه الضعيفة والمهمشة والفقيرة وذوي الإعاقة والأرامل والمطلقات ، ويحقق لها الحماية الاجتماعية التغطية الصحية الشاملة ، ويضمن لها كل ما يصون حقوقها، ويحسن ظروفها المعيشة ، وينتقل بالعائلات الفقيرة وذوي الإعاقة والأرامل والمطلقات من مستوى الفقر والعوز إلى المستوى الذي يمكنها من الحد الأدنى من الحياة الكريمة ، ويحقق العدالة الاجتماعية المنشودة ؛
ولحِرْصه الشديد ، حفظه الله ، على هذا الحل العملي والواقعي أكد جلالته في خطابه على تَحَمُّلَ الحكومة مسؤولياتها السياسية والتدبيرية ، في خلق جو من الانفراج السياسي الكفيل بإعادة هيكلة الاقتصاد الوطني الداعم للقطاعات الإنتاجية الواعدة وإلمنعشة للقدرة الاستثمارية المنتجة لفرص الشغل ، أساس الارتقاء بمختلف فئات المجتمع وشرائحه التي هي في أمس الحاجة إلى هذا التوجه الذي ارتضاه صاحب الجلالة للشعب والوطن ، كهدف مشروع ونقلة نوعية ، يكون معهما الاقتصادي ملازما للاجتماعي .
وخلال ترقبي والعديد من المواطنين لأرجأة الحكومة والمؤسسات والفعاليات الوطنية وفي مقدمتها البرلمان ، للنموذج التنموي الذي اقترحه الملك ، وترجمته إلى مشاريع وبرامج عمل محققة للارتقاء المنشود .
طلعت علينا - مع الأسف الشديد - عدد لا يستهان به من الجهات ذات العلاقة المعنية بقضايا التنمية الاجتماعية من مؤسسات وبرلمانيين –الراعين لحقوق ومصالح المواطن- وفاعلين سياسيين واقتصاديين ومدنيين ، الذين لم يستطيعوا فهم مضامين الخطاب الملكي السامي ، ولم يقدروا على استيعاب نجاعة ما حواه من رؤى اجتماعية واقتصادية تؤسس لسياسات اجتماعية اقتصادية قادرة على معالجة الكثير من القضايا العالقة بصعوباتها واكراهاتها السوسيوقتصادية الجمة والمؤرقة ، والتي لا مكان فيها- في هذه المرحلة الحساسة - للشعبوية أو الدبشخي أو البكائية السياسوية المقيتة ، غير المُوفرة للمناخ ولا للشروط ولا للإجراءات المساهم في إنجاح أوراش إصلاح المؤسسات الدولة والمقاولات العمومية حتى تكون رافعة للتنمية ،
يدفع ببعض الانتهازيين والبيليكيين -الذين ليس من مصلحتهم أن تتجاوز ظروفها المُتَّسِمَة بالصعوبة والدقة - "الميكيافيلية" السياسية التي تجعل من السياسي العربي عامة والمغربي على وجه الخصوص ، كائنا إنتخابيا لا يسعى إلا ليكون منتخبا جديرا بأفضل الإمتيازات ، التي إذا حال حائل بينه وبينها ، لم يتورع في ليّ الحقائق لصياغة منطق معكوس لتحقيقها ضدا في كل القوانين والأعراف وجميع حقوق المواطنين والوطن ، اللذان يحولهما إلى قربان في معبد إنتهازيته وغروره أيديولوجياته التي سمت عنده على مصلحة الوطن .