جابر الشعيبي يكتب:
الإمارات .. وقوة الاستقرار
غالباً ما يكون تحليل الوزن السياسي للدول يعتمد على إمكانيات وقدرات وموارد تتمتع بها دولة ما، ومن ثم تؤثر في سياساتها وتحدد بوصلة تحركاتها الخارجية. ولقد دعا رجال السياسة والمفكرون إلى إيجاد معايير قياس قوة الدولة بعد تنافس القوى الاستعمارية التي سادت في العقود الأخيرة من القرن التاسع عشر. وبعيداً عن موازين القوى والتنافس الدولي على الموارد، يظل الاستقرار عاملاً مهماً لتوفير بيئة ملائمة للنمو والازدهار ورفاهية الشعوب، وهذا ما تحرص الإمارات العربية المتحدة عليه. ورأينا خلال السنوات الأولى من العقد الماضي كيف كانت خطورة الفوضى الناجمة عن ما يسمى «الربيع العربي»، وحالة الفراغ الذي نتج عنه.
برز الدور الإماراتي بمثابة قوة إقليمية صاعدة تعزز الاستقرار العربي والإقليمي في إطار التعاون الدولي.
ولطالما أثبتت دولة الإمارات العربية المتحدة أنها قادرة على تحليل المستجدات في المنطقة، وأن لديها رؤية متكاملة، تركز على التنمية والاستقرار، والتسامح. ومن المهم التركيز على رؤية الإمارات السياسية، التي استقرت منذ عقود، والتي تطورت لتكون داعمة للتنمية المستدامة، وقادرة على استيعاب المعطيات الجديدة اقتصاديا وتقنياً. هذه الرؤية ركزت على الإنسان، واستعانت بالعلم والإرادة القوية، من أجل تقديم نموذج تنموي يشار إليه بالبنان، ويتصدر مؤشرات التنمية وفق مقاييس عالمية عدة.
ومن خلال معاهدة السلام بين الإمارات وإسرائيل، ساهمت الدولة في تخفيض حدة الصراعات في المنطقة، والحد قدر المستطاع من بؤر التوتر، ما يفتح الباب أمام فرص التعايش والتعاون في المنطقة، التي تستمد قيمتها الاستراتيجية من موقعها المتميز بين آسيا وإفريقيا وأوروبا وتعتبر أكثر المناطق ازدهاراً في الاقتصاد والتعايش مع مختلف الشعوب.
سياسة الإمارات الداخلية والخارجية تعزز دوماً قيم ومبادئ السلام وتدافع عنها، من أجل استقرار كافة شعوب المنطقة، وتسعى إلى مجابهة التطرف ورفض الغلو والتشدد، وكل الأفكار المتطرفة التي تحملها تنظيمات إرهابية ك«داعش» و«القاعدة». ولم تكتف الإمارات بالدفاع عن القيم الأصيلة الرافضة للتطرف بل اتخذت خطوات إيجابية لنشر التسامح وتحفيز التواصل الإيجابي مع الأمم والشعوب والثقافات الأخرى على تنوعها وتعدد مشاربها، وتكللت جهود الإمارات بالنجاح في فبراير 2019، عندما زار بابا الكنيسة الكاثوليكية الإمارات، ووقع مع فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب «وثيقة الأخوة الإنسانية».
وطوال تجربتها التنموية الراسخة أثبتت الإمارات أن التطلع إلى المستقبل خير وسيلة لمواكبة مستجدات العصر، ومن هنا، تفوقت الإمارات في مشاريع الطاقة المتجددة، وفي استكشاف الفضاء من خلال «مسبار الأمل»، والاهتمام بالعلوم المتقدمة، التي تعد أرضية أساسية لتدشين جيل قادر على التعامل مع التحديات التقنية، ومؤهل لاستيعاب طفرات كبرى يشهدها العالم في مجال الاتصال وترشيد الطاقة وحماية البيئة.
وتميزت الإمارات بالتعامل مع التحديات بمؤسسية وعبر خطوات موضوعية، فعندما ظهر وباء كوفيد-19، نجحت الدولة في احتواء تداعياته، محققة أرقاماً قياسية على الصعيد العالمي، في الفحوصات مقارنة بعدد السكان، واستمرت المدارس في التعليم عن بعد والمؤسسات بالعمل عن بعد في ظل بنية تحتية أثبتت نجاعتها في التصدي للأزمة، ولم تتوقف مسيرة العطاء التي دأبت الإمارات على تفعيلها عبر مساعدة الدول المتضررة ومد يد العون للأشقاء والأصدقاء والجيران، وفق اعتبارات إنسانية خالصة.