ثامر الحجامي يكتب لـ(اليوم الثامن):

عودة الى الوراء

نعيش هذه الايام ذكرى وفاة مرجع الشيعة العظميم السيد محسن الحكيم قدس سره، وكلنا يعرف موقفه من شركاء الوطن الأخوة الكورد، فقد كان هو حجر الاساس في العلاقة بين الشيعة والكورد طيلة ٦٠ سنة الماضية، بالإضافة للمظلومية المشتركة من النظام السابق بينهما.

بعد عام 2003 وبداية عهد جديد شهد تقاسم السلطة بين المكونات الثلاثة، كانت كفتا الميزان التي حفظت تلك العلاقة هما الراحلين السيد عبد العزيز الحكيم والرئيس جلال طالباني تغمدهما الباري برحمته، فكانت العلاقة قوية بين التحالف الوطني والتحالف الكردستاني، والتفاهمات السياسية مبنية على اساس الالتزام بالدستور وحفظ الحقوق للجميع.

هذه العلاقة إختلت بعد وفاة السيد عبد العزيز الحكيم  وحصول إتفاق أربيل الذي تم فيه تقاسم السلطة والثروات عام 2010 بين السيد المالكي والسيد مسعود البرزاني، كما ذكره الوزير الأسبق السيد باقر الزبيدي.

سنة 2010 لم تشهد هذا الاتفاق المشؤوم فحسب، وإنما تغير خلالها تفسير مصطلح الكتلة البرلمانية الأكبر ومنها بدأت المشاكل والمساومات، وبدأ حلب الكتل الشيعية للحفاظ على منصب رئاسة الوزراء، مما وفر الفرصة المواتية للخضوع لابتزاز الأكراد خلافا للدستور بعد كل انتخابات.

لهذه الاسباب شهدنا سيطرة الاكراد على كركوك وكثير من الاراضي في الموصل وصلاح الدين وديالى، حتى وصلت حدود كردستان الى محافظة واسط، وكذلك سيطرة الاقليم على النفط والحدود دون العودة للحكومة المركزية، ولم يبق الا اعلان الاستقلال، الذي تم إجراء الاستفتاء عليه.

على اثر ذلك دخلت القوات العراقية الاتحادية الى كركوك واستعادت جميع الاراضي التي امتد عليها الاكراد منذ عام ٢٠٠٣، وكان القرار شيعيا بعد اجتماع التحالف الشيعي مع رئيس الوزراء حيدر العبادي في منتصف الليل، في مكتب رئيس التحالف الوطني حينها عمار الحكيم حفيد السيد محسن الحكيم.

لكن المساومات والابتزاز؛ كانت ملازمة عند تشكيل كل حكومة عراقية، واحيانا برعاية خارجية، وهذا ماحدث عند تشكيل حكومة عام 2018 وبعدها حكومة 2020، فكان المزيد من اموال الجنوب وكثير من المناصب الاتحادية تذهب الى حكومة الاقليم، دون أن تتحصل الحكومة الاتحادية على فلس واحد، حتى عجزت الحكومة عن تسديد رواتب الموظفين، ووصل الامر الى تشريع قانون الاقتراض.

شاءت الاحداث أو الصدف أن يكون إتخاذ قرار حرمان الكورد من مبالغ القرض  في مقر الحكمة في البرلمان العراقي، ليخرج بعدها بعض ساسة الاقليم ليصبوا جام غضبهم على عمار الحكيم، بينما اعترف ورثة جلال الطالباني، بأن ما حصل هو نتيجة سياسة الاقليم غير الصحيحة مع الشركاء.

ستبقى المشاكل بين الحكومة المركزية والإقليم معلقة، لحين الإنتخابات القادمة وتشكيل حكومة جديدة، عندها يجلس الفرقاء ليصبحوا شركاء في صفقات جديدة، ولاحل دون جلوس الجميع ووضع خارطة شراكة حقيقية، برعاية من يثق فيه الجميع، والعودة خطوة الى الوراء للانطلاق ببداية جديدة.