حميد طولست يكتب لـ(اليوم الثامن):

الوطنية لا تحتاج إلى دروس ، بل إلى أحاسيس صادقة !

لاشك أن هناك فجوةٌ عميقةٌ بين أقوال المتسيسين المطبلين بحب الوطن وبين أفعالهم المناقضة التي تخالف ظاهر كلامهم وبطلان زعمهم حول ذاك الحب الذي له في فلسفتهم معنى غير الذي يعرفه ويشعر به الأسوياء ، والذي يكون الحديث عنه في الظروف العادية والطبيعية ، مجرّد حقائق ذهنية أو كلاما إنشائيا متخن بالكثير من الافتعال والتصنع ، ويتحول مع تعرض الوطن وقضاياه المصيرية لأزمات تهدد سلامته تأخذ العقل بكامله ويقذفه في متاهات تلك الأزمة والحدث-إلى فيض مشاعر جيّاشة، وعواطف تلقائية معبرة عن أحاسيس مرهفة وآمال متوقدة ، نابعة من عقل وروح الموطنين ، لتكون بمثابة الشرارة التي تشعل حواس صادقي الوطنية ، كما فعل اليهود المغاربة في سابقة متفردة  بخروجهم بمدينة اشدود الإسرائيلية  للاحتجاج - حقيقة لا خيالا -ضد البوليساريو بعد تهديده سلامة وطنهم المغرب الذي يحملون بكل همومه ومعاناتها وآلامه بداخل قلوبهم التي لم تكفيها جميع لغات العالم للتعبير عن حبهم وتعلقهم بوطنهم ، فمارسوا ذلك الحب والتعلق ، واقعا لا نفاقا ، في طقوسهم الحياتية التي لا يراها إلا خالقهم ، والتي كان أرفعها تضامنهم مع قضية معبر "الكركرات" بالصحراء المغربية رافعين شعار "الصحراء مغربية" ، مرددين  أغنيتي "صوت الحسن ينادي" و " الواد وادي " الخالدتين المخلدتين لذكرى "المسيرة الخضراء" التي أبدعها العبقري العظيم الملك الراحل الحسن الثاني طيب الله تراه ، والتي ستظل "الصحراء المغربية " مرتبطة باسمه وبحسن تدبيره ودقة استباقيته للأحداث التي كان يعلم كيف يصل بها إلى بر الأمان بأقل الأضرار، فالوطنية هي ما تفعله بينك وبين نفسك وليس ما تفعله في حضور الناس.