توفيق حسين يكتب لـ(اليوم الثامن):

الدور الإماراتي في اليمن والجنوب تحديدا

كثير من أصدقائي الشماليين الذين اعاشرهم، دائما ما يتحدثون لي، وعني، ويصفوني بأني من مناصري الإمارات، وأني مدافع عنها بكل استماتة.
وكذلك بعض أصدقائي من المعاريف الذين لا زالوا يتذكرون كتاباتي السابقة.
ولهذا على عجالة، احاول الإختصار، أحببت أوضح ما سبق، وكتبته في السنوات السابقة، سواء مقالات كاملة، أو منشورات متفرقة.
كمواطن جنوبي، أو كمواطن يمني، لا يهمني ما تريد الإمارات "ولا التحالف" بمشاركتها المملكة السعودية في التدخل في اليمن، ولا تهمني مصالح الإمارات أو أطماعها "كما يروج الإخوانج" من وراء كل ذلك..
ما يهمني كمواطن هو ما التمسته في الواقع من خلال تدخل التحالف وحضور التحالف، ومعه تدخل وحضور الإمارات في بلادي، وفي الجنوب تحديدا..
تدخلت الإمارات في الجنوب في 2015م، عندما انقلبت جيوش وألوية "عفاش" الرئيس المخلوع صالح، وعددها تقريبا 47 لواء عسكري، لا زالت منها حد اللحظة 7 ألوية عسكرية في حضرموت الوادي تابعة للعجوز علي محسن الأحمر..
انقلبت هذه الجيوش وهذه المعسكرات والألوية الشمالية، ولبست لباس الحوثيين التقليدي الشعبي، ورددت شعارات وصرخة الحوثي، وأعلنت انضمامها إلى ميليشيات الحوثي، إيرانية الهوى والهوية..
في نفس اللحظة سيطرت على كل الجنوب وكل المحافظات الجنوبية، كون تلك الألوية والمعسكرات كانت متمركزة تمركز مُعد ومُسبق لمثل هذه اللحظة..
شعرنا حينها بقمة، قمة القهر والهزيمة، وذقنا طعم الهزيمة حينها بكل مرارة، في أفواه جماعتنا الجنوبيين، من الإعلاميين المنهزمين والمنبطحين، الذين أعلنوا الهزيمة، الهزيمة المعنوية والنفسية باكرا..
رغم كوننا مفسبكين عاديين حينها، لم نرضخ، لم نوافق أو نؤيد تلك الهزيمة، ولا زالت منشوراتنا في صفحاتنا موجودة في ذلك التاريخ..
أعلن حينها ملك الحزم والعزم، الملك سلمان #عاصفة_الحزم، وحينها أعلن ولي العهد، الأمير العربي الشاب أن #عدن_خط_أحمر
عادت لنا الحياة، وانتعش الكل حينها، وكأننا خلقنا من جديد..
لو لم يتدخل التحالف، ولو لم يعلن الملك سلمان عاصفة الحزم، ولو لم يؤكد محمد بن سلمان أن عدن خط أحمر؛ لكنا رأينا الطائرات الحربية من عاصمة القبيلة صنعاء تقصف كل المدن والقرى الجنوبية ببراميل المتفجرات على طريقة، قصف قوات بشار الأسد للمدن والمناطق السورية..
كون محافظات ومناطق الجنوب رافضة لأي قوى شمالية "سياسيا ودينيا -مذهبيا وعقائديا-" الإنفصاليين والسلفيين الشوافع، أمام الزيدية الحوثية الإيرانية الشيعية"
وقد كانت بدأت حينها بالفعل طائرات قبيلة صنعاء بقصف عدن، وفي معاشيق" القصر الرئاسي" تحديدا، الذي استقبل" كما تردد" الرئيس هادي الفار والعائد من صنعاء في ذلك الحين.
لولا التحالف ، ولولا الإمارات، لكانت العاصمة الجنوبية عدن، وكل المحافظات الجنوبية ساحات معارك، وساحات حروب بين الجنوبيين وبين ميليشيات الحوثي والعفاشية..
في 2015م عندما حاولت ميليشيات الحوثي الإيرانية الإنقضاص على الجنوب، بمساعدة وتحالف ألوية ومعسكرات الرئيس اليمني السابق "عفاش"
واجه الجنوبيون وقاوموا بكل بسالة، وبكل شجاعة، وبكل ما أتوا من قوة...
"الضالع خير مثال، انتصرت وتحررت على تلك المليشيات قبل تدخل ودعم دول التحالف"
وكذلك بعد دعم التحالف انتصرت العاصمة عدن وغيرها من محافظات الحنوب، كون الحاضنة الشعبية لمليشيات الشمال، دينية، حوثية إيرانية، أو سياسية أخرى غير موجودة أساسا، عكس المحافظات الشمالية التي لم تتحرر ولا محافظة بعد نصف عقد من سيطرة ميليشات الحوثي، رغم ضخ ودعم دول التحالف لهم..
جاء دور التحالف ودور الإمارات مساعد ومُكمل للمقاومة وللتصدي الجنوبي، الرافض بكل قوة لأي قوى شمالية سياسية، ما بالكم والأمر يختص بقوى شمالية كهنوتية ظلامية إمامية رجعية، إيرانية الهوى والهوية..
بادئ الأمر كان الدور السعودي واضح للعيان، ولا ينكره الا جاحد، اتت الإمارات لترتب وتُنظم وتدعم هذه المقاومة الشعبية الجنوبية بكافة أشكالها، وهذا الصمود الجنوبي"لهم وللمقاومة سلبيات في هذا الشأن فيما بعد، لكنها ليست موضع حديثنا"
كل ما في الأمر تم طرد وتطهير المحافظات الجنوبية من المليشيات الحوثية والعفاشية التي كانت اوهن من بيت العنكبوت، والتي لم تنتصر في أي معارك حقيقية قط، اللهم بيع وتسليم لهم .
بعد تطهير اليمن الجنوبي، من هذه المليشيات؛ هُنا أتى الدور الإماراتي الذي نحن في صديد الحديث عنه..
بعد دحر وتطهير الجنوب من المليشيات الحوثية العفاشية، كانت الجنوب في مرحلة فراغ عسكري وامني وسياسي وفي مرحلة لا دولة ولو شكلية، ومرحلة لا شيء..
وكان اليمن الجنوبي والمحافظات الجنوبية، حسب توقعات المختصين في محاربة الإرهاب والجماعات والعناصر الإرهابية، يتوقعون أن تكون المحافظات الجنوبية مستقر ومعقل تلك التنظيمات الإرهابية بما فيها "داعش" بعد سوريا والعراق وليبيا..
فالقوى الدولية التي تدعم هذه الجماعات في تلك الدول، كان ضمن خطتها جعل اليمن الجنوبي معقل هذه التنظيمات الإرهابية لجملة من الأسباب.
الحضور الإماراتي بمعية المقاومة الجنوبية، وبمعية أبطال الجنوب، أفسدوا هذا التوقع، واحبطوا تواجد الجماعات والعناصر الإرهابية التي كان متوقع حضورها وسيطرتها على الحنوب..
لولا التواجد والحضور الإماراتي لكنا رأينا سوريا أخرى في اليمن الجنوبي، ولكنا رأينا الطائرات الأمريكية والروسية تقصف فوق رؤوسنا في مختلف المدن والمحافظات الجنوبية.
ضابط مخابرات سعودي يحدثني: لولا بطولات أبناء الجنوب، في تطهير المكلا وحضرموت من الجماعات والعناصر الإرهابية ، لكنا رأينا الطائرات الروسية التي كانت على أهبة الإستعداد للتدخل وقصف المكلا ومدن حضرموت لمحاربة القاعدة التي كانت حينها تسيطر على المكلا، ثم أردف:
تطهير المكلا، قطع أي تدخل روسي في اليمن..
كان هذا حينها
وهذا الدور يعود لأبطال الجنوب وحضرموت وللحضور والتواجد والدعم الإماراتي..
لولا التواجد والحضور الإماراتي لكنا نحن الجنوبيين، نتقاتل فيما بيننا..
لولا التواجد والحضور الإماراتي لانتشرت عصابات وجماعات السلب والنهب في كل بقاع الجنوب.
لولا التواجد والحضور الإماراتي لما كان الواحد منا يأمن على نفسه وعلى ماله وعلى مقتنياته الشخصية.
قد تكون هناك سلبيات للتواجد والحضور الإماراتي "لا ينكرها أحد" لكن في المجمل حضورهم ساعدنا وأعاننا كثيرا كثيرا، وجعلنا نكون أفضل مما كان متوقع لنا ان نكون .
لولا الحضور والتواجد الإماراتي وتوظيف وصرف رواتب مئات الألوف من الجنوبيين، لكنا رأينا مثل هؤلاء الخارجين من حروب ميليشيات الحوثي وعفاش، بلاطجة وقطاع طرق وعصابات يتقاتلون فيما بينهم، ويتعرضون للناس ..
ضخ الأموال الإماراتية في الجنوب جنب الناس الكثير والكثير رغم ما له من سلبيات..
جعل عجلة الحياة مستمرة، وحرك وانعش الاقتصاد وحياة الناس بعد حروب ميليشيات قوي قبيلة صنعاء التي دمرت كل شيء في الجنوب بحروب متعددة..
جعل الناس يجدون ما يسدون به رمقهم، وبما يعيشون عليه من رواتب، ومن تحريك عجلة الحياة والأعمال والأشغال..
والآن نرى نخب ومثقفين الشمال ينتقدون الدور الإماراتي!
مثل هؤلاء لا يهمهم شيء، كل حيواتهم مختلفة عن حيواتنا، ومعاناتهم مختلفة عن معاناتنا، ومشاكلهم مختلفة عن مشاكلنا
ويهرفون بما لا يعرفون، وكأنهم كعادتهم التي ألفنا منهم منذ ما سميت وحدة يمنية، كأنهم يقولون لنا:
"شاركونا معاناتنا ووجعنا وقهرنا وألمنا ورضوخنا وخنوعنا لقوى قبيلة صنعاء التقليدية"
لما لا تفكرون في مخارج وحلول ومعالجات لما انتم فيه؟!
بدلا من أن تحاولوا فرض معاناتكم وعنجهية وتخلف قواكم السياسية علينا، حتى نكون شعب واحد كما ترون أيها المعتوهون؟!
لولا الدعم والضخ الإماراتي في اليمن الجنوبي منذ 2015م، حتى 2019 عندما غادرت الإمارات، لكنت تقتل عزيزي الجنوبي في أي طريق، أو في أي شارع، أو في أي زقاق، من أجل أي شيء من المال في جيبك، أو من أجل الجوال الذي في يدك، أو من أجل الساعة التي تلبس على يدك..
لنكن واقعيين لولا الإمارات والدعم الإماراتي لتقاتلنا فيما بيننا البين كما تريد لنا كل تلك القوى المعادية لنا..
منذ 2019 غادرت الإمارات الجنوب، انظروا إلى تدهور العملة الحاصل، انظروا إلى معاناة الناس في عدم صرف الرواتب، انظروا ماذا عملت لكم المملكة البديلة للتواجد والحضور الإماراتي..
نحن هنا لا نقلل من دور المملكة السعودية، التي اشدنا بحضورها بداية عاصفة الحزم، لكن هناك جملة من الأسباب من ارتباط السعوديين المسؤولين على الملف اليمني بقوى الشرعية الفاسدة وقوى قبيلة صنعاء وادوات يمنية سواء شمالية أو جنوبية فاشلة، جعلت الدور السعودي في اليمن الشمالي وفي اليمن الجنوبي يتراجع القهقري أمام التهور الحاصل في العملة وأمام معاناة الناس..
مع كل هذا وذاك، لا ننكر الدور السعودي في ما يسمى "إتفاق الرياض" والسعي بكل الجهود لإنجاحه، وتجنب الجنوب مزيدا من الحروب والإقتتال الداخلي والخارجي، وهذا بحد ذاته يحسب للدور وللحضور السعودي..
وبين هذا وذاك تبقى مشاكلنا الذاتية جنوبا وشمالا للأسف هي السبب الرئيس فيما نحن عليه من تُرديء واضمحلال، والذين يضعون الأسباب لما نحن فيه داخليا، على أي قوي خارجية هم الضعفاء والجبناء ومن يضللون الناس..
الأسباب الذاتية، ونحن في الدرجة الأولى والأخيرة "اليمنيون" المسؤولين كامل المسؤولية عما يجري لنا جنوبا أو شمالا..