قبل سنوات، أعلن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، أنه ليس هناك عائق ولا مستحيل أمام العرب واستئناف الحضارة العربية الإسلامية.
كانت الإمارات وقتها تستعد للبدء في مشروعها الطموح، ألا وهو استكشاف الفضاء.
لم يكن هذا المشروع وليد اللحظة، بل فكّر به الوالد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، قبل عقود، عندما كانت الإمارات في أولى خطواتها. وقد شعر الأبناء المؤسسون بأنهم قادرون على تحقيق حلم زايد وارتياد حقول تنموية وعلمية جديدة.
كانت أمنية محمد بن راشد للعالم العربي أشبه بالأمنية المستحيلة؛ فحال العرب لم يكن كما كان قبل قرون، عندما كانوا سادة العالم، وعندما كانت الحضارة العربية الإسلامية تشغل العالم بالاختراعات والإبداع والإنتاج المعرفي. فالصراعات والعلل الداخلية كانت تضع المجتمعات العربية دائماً في آخر القائمة في مؤشرات التنمية العالمية.
كان محمد بن راشد من المشغولين بالهمّ العربي، وهو يرى الأمة العربية، التي كانت تتقدم على العالم في يوم ما أصبحت اليوم متراجعة. فالأمة العربية لا ينقصها الموارد والكفاءات البشرية أو الثروات الطبيعية والاقتصادية.
ما ينقصها هو العزيمة والإصرار والخلاص من كل ما يؤثّر سلباً على حركة التنمية الصحيحة كالفساد وفقدان الشفافية وغياب التخطيط والاستراتيجيات التنموية. فلو تخلّص العرب من هذه الآفات لاستعادوا الحضارة التي تسيّدوا عليها يوماً ما. فلا شيء يمنع من استعادة تلك الحضارة مع وجود الكوادر العلمية المؤهّلة ومع الترشيد الصحيح للموارد الاقتصادية.
ولكي تثبت للعرب جميعاً قدراتهم الهائلة، أطلقت دولة الإمارات مبادرات موجّهة للعالم العربي، مثل صنّاع الأمل وتحدّي القراءة ومساعدة المبدعين العرب، وتبنّي مشاريعهم الطموحة ومساعدتهم. كما جعلت الإمارات من نفسها أنموذجاً للتنمية العربية المتوازنة القادرة على تخطّي التحديات والبدء من الصفر.
فقد انطلقت الإمارات في اتجاه نهضة تنموية واقتصادية وعلمية مبهرة، ولتثبت للعالم العربي أنه بإمكان الإنسان العربي أن يبني نهضة متوازنة تضاهي الدول المتقدمة، متى ما امتلك العزيمة والإصرار والقدرة على تخطّي الصعاب، وأن العقل العربي لا يقل إبداعاً عن الآخرين.
لقد شجع الشغف الإماراتي بالوصول إلى القمة، العرب جميعاً. فمن خلال وضع الخطط والاستراتيجيات، أثبتت التجربة الإماراتية أنها في الطريق الصحيح، كما أثبتت تلك التجربة قدرتها على تحريك المياه الراكدة من حولها، متى ما وجدت الإرادة والتصميم والعزيمة. فقد واصلت الإمارات مساعدة العالم العربي، من خلال وضع تجربتها التنموية في متناول أي دولة تريدها.
فالنجاح يستحق أن يقسم على اثنين. بالإضافة إلى ذلك فقد ضخّت الإمارات في الأمة العربية شحنة كبيرة من الأمل نقيض اليأس المعشعش في الأذهان، ويحرمها من مواصلة السعي نحو الهدف، وتحويل الحلم إلى حقائق.
فقد وضعت الإمارات لنفسها منذ تأسيسها أهدافاً تنموية، وواصلت العمل لتحقيق تلك الأهداف حتى وصلت إليها. كل ذلك ضخ في النفس العربية، وخصوصاً فئة الشباب، شحنة أمل هائلة جعلتهم يضعون الإمارات في قائمة الدول التي يودّون العمل والعيش فيها. وخلال عقودها الخمسة، وجّهت الإمارات رسائل إلى العالم العربي، ليس فقط من خلال جهودها الداخلية، ولكن أيضاً من خلال مساهمتها في خطط التنمية في كل أرجاء العالم العربي.
بالإضافة إلى ذلك، فقد أرسلت الإمارات من خلال وصول "مسبار الأمل" إلى مدار المريخ، رسائل مهمة للعالم العربي والإسلامي، أولها أنه لا مستحيل من استعادة المجد الذي تربّع عليه العرب والمسلمون قبل قرون، وأنه بالعزيمة والإصرار والعمل والأمل يمكن الوصول إلى الهدف.
وثاني تلك الرسائل أن العرب يمكنهم المنافسة في مجال العلوم المتقدمة مع الآخر. فالغرب عندما بدأ مسيرة حضارته اعتمد على العلوم العربية تماماً، كما اعتمد العرب قبلهم على علوم الأقدمين كالإغريق والرومان.
لقد وضعت الإمارات جانباً كل ما يمكنه أن يثبط الهمم، واعتمدت على بث روح العمل والأمل في النفس العربية التي حطمتها الخلافات والفرقة، وجعلت من نفسها أنموذجاً يمكن للعرب القياس عليه. ففي سياسة الإمارات لا شيء مستحيل، وأنه بالعزيمة يمكن قهر الصعاب، واستعادة المجد الفائت.