وليد ناصر الماس يكتب لـ(اليوم الثامن):
بوادر الموت جوعا...لن تحرك ضمير ميت أصلا!!!
تمر المحافظات الجنوبية اليوم بأسوأ أزمة إنسانية، بلغت ذروتها مؤخرا مع الانهيار الاقتصادي الفضيع الذي شهدته البلاد وارتفاع أعداد الفقراء والجياع بشكل لافت. أوضاع البلد المتفاقمة لم تأت فجأة وبدون مقدمات، فمؤشرات هذا الوضع المميت تبلورت وأخذت تتكون عبر سنوات طوال، وهي السنوات التي تخوض فيها المملكة السعودية حربها المدمرة على هذا البلد، بشكل مباشر وعبر أذرعها وأدواتها في الداخل المحلي.
ممارسات الإفقار والتجويع التي تُرتكب بحق مواطني هذه الأرض، تأتي في سياق سياسة الإذلال والتركيع التي تقوم عليها عقلية النظام الحاكم في مملكة النفط، إذ ترى فيها السبيل الأنجع لتمرير مشاريع لم تشاء كشفها والإعلان عنها في حينها ماقد يعرضها لموقف شعبي رافض.
تجويع السكان وإغراقهم في سيل من المعانات، طريقة مثلى لسحقهم ودفن تطلعاتهم وحصرهم في أضيق زاوية، وفقا للرؤية السعودية.
تعتبر المملكة السعودية المسؤول في المقام الأول عن أوضاع بلدنا الكارثية، إلا إن ذلك لا يعفي الفصائل والقوى المحلية المدعومة سعوديا من تحمل جزء مهم من تبعات ما يجري، فالقوى المتصارعة المتحاصصة وفق اتفاق الرياض يجب إن تتحمل مسؤولياتها ونتائج صراعها.
لقد لعبت حكومة الشرعية أدوار قذرة من خلال العديد من عناصرها ورموز فسادها في تدمير العملة المحلية، ومحاولة إفراغ خزينة البلد من العملات الصعبة، وفتح الباب على مصراعيه لانهيار العملة بشكل متسارع، كما سعت لإيقاف مرتبات القطاع المدني والعسكري، وتضييق معيشة الناس وخلق حالة من الإرباك والاحتقان الشعبي.
المجلس الانتقالي نفسه رديف للحكومة، ويتحمل مسؤولياته الإنسانية والوطنية أمام هذه الأوضاع القاتلة، فصمته المريب وتماهيه أمام السياسة الرعناء للحاكم السعودي في عدن، أوصل رسائل سلبية للجانب السعودي، على أن هناك حالة من الخنوع يعيشها الشارع الجنوبي، فدفع السعوديين للتمادي أكثر في غيهم. لم يكتف الانتقالي عند المستوى هذا بل عمل على التلويح باستخدام قواته الأمنية في قمع أي حركات احتجاجية، كما شُنت حملات إعلامية مغرضة وعلى مدى أعوام مضت، لتصوير المطالبين بالحصول على الرغيف وتوفير الخدمات الأخرى على أنهم عملاء إما للإصلاح أو لإيران.
سياسات الانتقالي إزاء ممارسات الحاكم السعودي المفتقرة لأدنى المعايير الإنسانية، قادت الأخير للتجبر والتعجرف والتشدد في إنزال المزيد من أشكال العقاب والعذاب، على مواطني هذه البلاد القابعة لهيمنهم المباشرة.
الأغرب في هذا الأمر كيف وقفت المملكة السعودية عاجزت عن إيقاف الانهيار الاقتصادي لبلدنا، الناجم عن تدخلها المباشر، وهي ذلك البلد المصدر الأول للنفط في العالم، الذي يسارع دوما لانقاذ الاقتصادي الأميركي في مختلف الأزمات المالية التي تعصف به.
في تقديري لن يقف السكان في هذه البلدات مستسلمين لإرادة الحاكم السعودي، فعلى المدى المتوسط على أقل التقديرات سيخرج الشعب بمختلف شرائحه واتجاهاته في سيول عارمة للتعبير عن رفضه المطلق لمختلف السياسات الظالمة، ولن تتمكن أي قوة مهما بلغت من كبح الإرادة الحية لهذا الشعب.