وليد ناصر الماس يكتب لـ(اليوم الثامن):

التعذيب بالخدمات.. طقوس يومية لحكومات الرياض المتعاقبة!

لماذا يُعامل أهلنا في العاصمة عدن وبقية الحواضر الجنوبية الأخرى بمنتهى القسوة والشدة، عندما يتعلق الأمر بالخدمات الضرورية التي تتطلبها حياتهم اليومية، من كهرباء وماء ووقود، علاوة عن الأمن الذي بات مفقودا وارتفاع في أسعار معظم متطلبات بقاء الإنسان على قيد الحياة، وتأخر المرتبات وقطعها في أغلب الأحيان؟.
هل ألوان التعذيب التي يتجرعها بسطاء السكان اليوم هي مكافئة لهم لدورهم الذي لُعب في سبيل حفظ الكرامة السعودية المهدورة في أكثر من مكان وزمان، (رغم تحفظي على أدوار ومساهمات كهذه)؟.
يقينا أرادت المملكة السعودية أن توصل رسالة لكل أبناء الجنوب المأخوذين بأوهام الوشائج المذهبية والجوار على الأرض مفادها أن مجيئنا إلى هنا لم يكن في سبيل إسعادكم أو إيصالكم لمبتغاكم السياسي، بل أن لنا مشروعنا الذي تسمعون عنه وترونه في أكثر من بلد من حولكم إن كانت لكم أعينا تبصرون بها، ها نحن موجودون في العراق وسوريا ولبنان وحتى ليبيا قبل اليمن، ولم يمل أهل تلك البلدان من الحديث المتكرر عن أهدافنا وأفعالنا.
فلا يوجد في سبيل مشروعنا صديق دائم ولا عدو، فلقد جندنا لذلك المسعى كل ما يقع في أيدينا من أسباب للتمكين، لتصبح لنا أدوات طائعة تنفذ ما يُلقى إليها دون تردد: المال والرجال حتى الدين لم يكن يوما في منأى عن الاستخدام السياسي عندما يتعلق ذلك الأمر بمشروعنا الكبير، ألا ترون الحرمين الشريفين التي تمكنا بفضل أصدقاؤنا الأنجليز من احتوائهما والهيمنة عليهما، قد أضحت اليوم هي الأخرى وسيلة من وسائل المواجهة والضغط والابتزاز السياسي التي نلجأ لها في كل مرة مع كل الأقطار من حولنا التي لنا خلاف معها.
لقد ارتكب أبناء الجنوب خطئا فادحا بالأنضواء في مشروع قدم من وراء الحدود لم يلتق في أي نقطة مع مشروعهم السياسي، في ضوء غياب أي ضمانات مسبقة، وأخذوا يمضون فيه ولا يلوون على شيء، رغم الدعوات التي وجهت لهم آنذاك والنصائح التي قُدمت، وأهدروا معظم الطاقات والجهود من أجله، حتى تكشفت لكم حقيقة ظلمهم لأنفسهم في ساعة لم ينفع الندم عندها والأسى.
لم يستوعب الجنوبيون الدرس العراقي والسوري وماسبق وتبع ذلك من نماذج ودروس قاسية، أتقن المال السعودي في تقديمها وأخرجها بمنتهى الجُرم والبشاعة.
لم يبق اليوم من سبيل أمام أبناء الجنوب (كل الجنوب) لتجاوز محنتهم الراهنة، والخروج من دائرة الضيق التي أوقعتهم فيها بعض الممارسات التي تفتقر للرشد السياسي، سوى بتجاوز ذلك الماضي قريبه والبعيد بما يحويه من مآس وآلام، والانفتاح في وجوه بعض، ولم شعث القوى والحركات والمكونات في صف الوطن، ونبذ مختلف أشكال التفرقة والشقاق التي خلفتها سنوات عجاف من الضغينة والخلاف.
والله على ما أقول شهيد.