صالح علي باراس يكتب لـ(اليوم الثامن):

المقاومة بنسختها الحمساوية بين التفريس والعروبة

كشفت حرب غزة الضعف العربي وكشفت ازدواجية وانفصام معايير الاخوانج كافة فكل ابواقهم السياسية محليا وعربيا يؤصلون طيلة الحرب مع الحوثي  بان من لم يكن في مؤسسات الشرعية اليمنية التي يعترف بها العالم!! فهو مليشيا خارج القانون وانه حتى لو قاوم المشروع الفارسي في اليمن فهو مليشيا!!*
 اين يضعون حماس التي تمردت على السلطة الفلسطينية التي يعترف بها العالم !!!هل هي مليشيا متمردة مثل ما يطلقون هذا المسمى على من لا يخضع لمشروعهم في الشرعية اليمنية سواء في الشمال او الجنوب ام ان شرعيتها اكتسبتها من مشروع المقاومة وليست بحاجة لاعتبارات اخرى !!!؟فان كانت الشرعية من المقاومة فشرعية الاخرين من المقاومة وان كان غير ذلك فماذا يسمون حماس؟*
 
لا خلاف بان قضية فلسطين  عادلة ومسلوبه حقوق شعبها وانها ليست ككل قضايا التحرر الوطني التي قاومت الاحتلال خلال القرن الماضي بل تواجه تحالفا يهوديا نصرانيا وثنيا مكتوب او غير مكتوب ضدها وكل مسلم سوي يؤمن ايمانا مطلقا بان الوعود الربانية والاحاديث النبوية بشانها صادقة لكن انزالها على الذوات السياسية والحركية مسالة توظيف وتصفية حسابات آنية حالها كانزال خزعبلات الشيعة لاحاديث المهدي وتوظيفها لصاحب زمانهم المختفي في سبات كسبات الضب في سراديب سامراء ولاخلاف بان أطرافا فلسطينية تكسبت وتتكسب منها فحولوها عقدة ذنب وبرمجة عواطف وان الخروج عن تلك البرمجة خروج عن ثوابت العروبة والاسلام ، برمجة نمطية توافق عليها المتكسبون بنسخها اليسارية والعروبية والاسلاموية بان من خرج عنها خائن منسلخ ومتصهين لا دين له ولا عروبة مع ان المشاعر مهما بلغت حرارتها واندفاعها لن تستعيد حقوقا ولا تنتصر بها قضية ومثلما لم تحقق حرارة اندفاعات جورج حبش اليسارية شيئا فلن تحقق اندفاعات هنية شيئا في شريط لايزيد طوله عن150كم* 
ولا خلاف في عصر الاعلام الاخوانجي الا مع حماس واخواتها الاخوانجيات بان حماس ضمن مشروع يسعى لاسقاط المشروع العربي لصالح ايران وتركيا وانه مثلما عمّد الاخوانجي العراقي محسن عبدالحميد على تفريس العراق فان اخوان حماس يسيرون على ذات النهج وان مشروع المقاومة فيها يغطي على مشاريع التفريس الايراني والتتريك التركي في المنطقة وان الاخوانج يريدون ان يحاربوا اعداءهم بالنسخة الحمساوية للقضية الفلسطينية التي تلهب عواطف العرب والمسلمين كافة  وان جزءا كبيرا من معركة حماس الحالية يدار اخوانيا ضد الدول العربية وبالذات الخليجية وكل الدول والجماعات الرافضة للمشروع الاخواني وتسويق انه لولا تطبيع بعض دول الخليج لما آلت احوال غزة لما آلت اليه في الوقت الذي يمجّد الاعلام الاخواني بازدواجية وانفصام دول  معترفة باسرائيل ومرتبطة باحلاف عسكرية وتعاون استراتيجي معها بانها منقذ لاهل فلسطين ...فاين الحقيقة في ذلك ؟واين التوظيف ؟ولمصلحة من؟*
 
ولا خلاف الا مع حماس وبقية اخوانجيتها ان من فرّس الاحواز وجرّف ودمّر الفلوجة والموصل والانبار وحلب وحمص وقتل الملايين فيها لن يكون بحال من الاحوال نصيرا للقدس مهما رفع من شعارات ولن يختلف اثنان بان العرب دعموا وحاربوا وقدّموا المال والرجال طيلة سبعة عقود كدول وطنية لها قضاياها وهمومها لا يجمعها كيان مؤسسي ولا استراتيجية جامعة وان دعمها واموالها تحول في غالبه الى ثروات خاصة بالمليارات لاطفال من قيادات القضية لم يحسنوا حتى النطق بالعربية !! وما خفي اعظم !!
لكن لن يختلف اثنان ان الدول العربية بعد خروج مصر من محور المقاومة لم تسد فراغها اية دولة عربية فكانت فرصة للفرس ومنظماتهم ان يرثوا محور المقاومة لكنها ورثة ليست لتحرير فلسطين ولن تحررها ، ففلسطين في اسفل اولوياتها مهما اعتقد البعض في شعارات ايران فتجربتها في المخيمات الفلسطينية عبر طرفيتها في لبنان بعد الاجتياح الاسرائيلي شاهد اثبات على عدائها  بل ان الهدف الايراني تفريس كل البلدان العربية وبمقارنة التهويد بالتفريس فان الاخير اشد خبثا وتجريفا وحقدا وقتلا ،  فالفلسطينون وباعتراف المراكز الفلسطيني  للاحصاء عام 2019م  احصى ان ضحايا الاحتلال الاسرائيلي منذ تاسيس اسرائيل الى عام 2019م اكثر من  100000 شهيد وفي المقابل كم جرّف فيلق القدس الفارسي - الذي سيحرر القدس - من مدن سنية في العراق وسوريا وكم قتل مشروعهم من اليمنيين بل ان الضحايا في العراق وحدها وصلت الى ملايين منذ سلّمت امريكا العراق للفرس وفي مخيم اليرموك الفلسطيني في دمشق قتلت مليشيات الفرس وطرفيتها اكثر من 21000ضحية وهو مالم تفعله اسرائيل في اي معركة او حصار لها  رغم حقدها وبطش آلتها وتهويدها ثم يتبجح زعيم حمساوي بان سليماني شهيد القدس مع ان ذلك الشهيد الحمساوي لا تتشرف به القدس ولا غزة ولا اهلها !!*
 فهل دعم ايران لحماس لاجل تحرير فلسطين ام لتجعل المواطن العربي والفلسطيني في غيبوبة كالغيبوبة التي عملتها له عندما حقنته بمقاومة حسن نصر الله في العقود الماضية لتكمّل التجريف والابادات والتفريس باسم القدس ؟
ستنتهي حرب غزة الاخيرة بنتيجة "كأنك يابو زيد ما غزيت" لسبب بديهي هو : ان موازين القوى ليست لصالح حماس وستتكشف آثار الدمار المادي والمجتمعي بعد ان خرج قادة اخوان فلسطين الى مأمنهم كعادة قيادات الاخوان ، وتركوا المرابطين -مهما اثخنوا في عدوهم - يواجهون آلة الفتك جراء تحويل المقاومة السلمية للشيخ جراح وهي مقاومة سلمية تتسق ومرحلة الاستضعاف الفلسطيني والعربي والاسلامي  الى عنتريات استخلاف صاروخية لحماس وسنكتشف انه ما زال بعيدا تحقيق "واعدوا لهم ما استطعتم" التي آثارها الفسبكية اكثر ضجيجا ودمارا من آثرها الفعلي وسنكتشف ان الاسرائيليين لن يهربوا بالطريقة التي يقدمها لنا اعلام حماس والاخوان وان صواريخ حماس لن تقدّم لغزة بالذات الا دمارا في كل المجالات ولن يجد الفلسطينون لا الامام خامنئي ولا الخليفة اردوغان يعيد اعمارها بل سيلجأون للدول العربية وبالذات الخليجية التي لم يتورع اعلامهم بجعلهم شركاء بالطيران وغير الطيران مع اليهود في تدمير غزة جراء غزوات حماس التي لن تعيد للفلسطينيين ارضا ولن تحقق لهم اختراقا سياسيا بل ان صواريخها كصواريخ حزب اللاة جزء من استراتيجية طهران في الضغط على اسرائيل في ملفها النووي.
لم تغيّر معارك غزة من الخطاب الشعبي العربي والاسلامي فقد ظل وسيظل مع القضية الفلسطينية منذ تاسيس الكيان المغتصب ولم تغيّر الخطاب المنبري فهو مع فلسطين لذا فان وضع استنتاجات بان الخطابين تغيرا نتيجة معارك غزة ليس صحيحا بل توظيفا حزبيا ، وكذا المواقف العربية كدول لم تخرج عن الصيغ القديمة في الادانة لذا لم تقدم تلك المعارك جديدا نوعيا يمكن التاسيس عليه كما ان الرهان على رعب المستوطنين ليس مقياسا سيغّير دفة الحرب ويخطو بالقضية الى مربعات نصر وتمكين فالرعب في الحرب حالة طبيعية لدا كل الشعوب ويبدو الاسرئيليون اكثر رعبا للعنة حاقت بهم وللبروباغندا الاسرائيلية طيلة عقود التي خلقت فيهم انطباعا بانهم بمأمن وان جيشهم وقوتهم لا تُقهر كما ان تصوير الرعب وتسويق آثار الصواريخ عالميا يخلق بيئات  تعاطف دولي مع اسرائيل اكثر منه مؤثر استراتيجي في سير الحرب.
 
18 مايو 2021م