وليد ناصر الماس يكتب لـ(اليوم الثامن):

احتجاجات الشارع الغاضبة...قد تطيح بالحكومة الهاربة!!!..

منذ ان وطأت أقدام الجنود السعوديين أرض عدن، كرست المملكة جل جهدها وإمكانياتها لفرض المزيد من القبضة على المحافظات الجنوبية لإخضاعها المباشر لنفوذها، إلى مستوى أضحت فيها جميع المؤسسات التي لم يطالها التدمير تدار بشكل مباشر من قبل السعوديين. ومع إعلان التوصل إلى اتفاق الرياض الذي انبثق عنه ولادة الائتلاف الحكومي الأخير الذي شكل خليطا من المجلس الانتقالي مع قوى الشرعية الأخرى، زادت المملكة من سطوتها ويدها الحديدية في ممارسة المزيد من السيطرة على هذه المحافظات، حتى بات السفير السعودي في عدن آل جابر الحاكم الفعلي للبلاد، والآمر والناهي فيها والمتحكم في صغائر الأمور وكبائرها، مع وجود صوري لحكومة محاصصة آبقة أثبتت وقائع الميدان فشلها من اللحظة الأولى التي وصلت فيها إلى العاصمة عدن.

حكومة سفير الملك سلمان في عدن إلى جانب فشلها المجلجل وسوء أدائها المخيف على مختلف الصعد، انغمست في فساد عميق لم يشهد له البلد مثيلا من قبل، وعجزت كليا عن القيام بأقل الواجبات تجاه شعبها الذي طحنته ظروف الحياة الصعبة وقساوة سنوات من الحرب والاقتتال.

ومع تصاعد روائح الفساد المنتة للحكومة وتنصلها عن مهامها في ظل أوضاع هوجاء تعصف بالسكان، زادت معدلات الفقر والحاجة واقترب السكان من شفا الموت جوعا، إذ بات أكثرهم عاجزا عن توفير الحد الأدنى من ضروريات الغذاء، علاوة عن الخدمات الأساسية الأخرى من ماء وكهرباء وأمن وتعليم جيد ودواء ومرتبات التي باتت هي الأخرى شبه منعدمة.
فما من أساليب وأفعال لها القدرة على مضاعفة عناء المواطن وبؤسه إلا اقترفتها حكومة السفير وتفننت في إتيانها، وأثبتت بالشواهد على أنها حكومة فضائحية بدءا من طريقة تشكلها غير الموضوعية مرورا بتبعيتها وفقدانها للأهلية وصولا لأدائها الهزيل وغرقها في مستنقعات الفساد والمحسوبية والجهوية الضيقة.

لم يعد اليوم هناك من صبر للشارع المسحوق على هذا الطغيان، والصمت على أساليب التعذيب والتنكيل الممنهجة، إذ أن ألوان من التعذيب تجرعها السكان طيلة سنوات عجاف كانت كافية لإيصال الناس إلى نقطة اللاعودة، وخلق شعور عام لدى غالبيتهم بضرورة إسقاط هذه الحكومة مهما كلف ذلك من أثمان.

هناك طبقة صغيرة جدا من السكان استفادة من هذه الأوضاع المعكوسة، ولها مصلحة في بقائها على ماهيتها، مما يساعدها بالاستمرار في الاستيلاء على المزيد من مقدرات البلاد السائبة، وهذه الفئة بالفعل ستمانع أي دعوات للتغيير قد تمس منافعها غير المشروعة.
وعلى ذات السياق فهناك محاولات مبذولة للتقليل من أهمية الدعوات التصعيدية لأكثر من سبب، أو لتخويف الجماهير الهائجة من الخروج، ولكنها على الأرجح تصرفات لن يُكتب لها النجاح، فخروج المارد من قمقمه لن يكون بوسع أي قوة على إرجاعه أو إخماده، ولن يتمكن طغاة الأرض وأمراء الحرب من احتواءه وكبح جماحه.

مطالب الجماهير الشعبية مطالب عادلة ومشروعة ويتم التعبير عنها بصورة سلمية وحضارية، ولن يكون هناك أي مآرب سياسية من ورائها، سوى تلك التصورات الخاطئة المترسبة في بعض العقليات العويصة التي لم تستشعر بمسؤولياتها تجاه المواطن المغلوب ولم تشاء الاعتراف بمعاناته والوقوف عندها.

العزة والحياة الكريمة لن تتأتى للمواطن على أرضه بإظهار مزيد من الذل والخنوع للطغاة والجلادين، بل بنفض غبار الذل والرفض المطلق لأساليب القهر والتجويع والتعذيب المستمر، التي لا نتوقع لها أن تطول بعد اليوم.