حميد طولست يكتب لـ(اليوم الثامن):
من وراء استفحال ظاهرة الإرتدان عن الدين؟
من الحقائقة الثابتة التي تبعث بالألم والأسى في نفس المسلم الحق ، هو تحويل الدين الإسلامي الجميل -الذي جاء لتشكيل السلوك الانساني، وضبط إنفعاله، بإتجاه الطمأنة والاستقرار- إلى أداة لهيمنة دعاة اليأس والإحباط من فقهاء الدين وشيوحه ، على كل نواحي حياة المسلمين الثقافية والسياسية والإجتماعية والاقتصادية بإسم المقدس الديني ، الذي اختزلته خرافات وأساطير الشيوخ والفقهاء في مظاهر شكلية محصورة في سبحة وسواك ولحية كثيفة وجلباب قصير وحداء "نايك" ، التي عملوا ويعملون على غرسها في نفوس المتدينين ، وخاصة منهم الأجيال الشابة المنوط بها الانتقال بواقع مجتمعاتهم من حالة الركود الحضاري إلى آفاق التقدم والنهضة.
بغية عزلهم عن تعاليم الإسلام السامية ، وصدهم عن التجاوب مع مقاصده العالية ، وسجنهم في الأفكار السلف السلبية البائسة المشبعة بفضائع الخرافات والأوهام ، التي تجاوزها التاريخ ، وكذبتها الاكتشافات ، ورفضها المنطق السليم، وفضح الإنترنت معاداتها للعقل والعلم والمعرفة وواقع الحياة ، وكشفت شبكات التواصل الاجتماعى معارضتها للحضارة الإنسانية والضمير البشري ، والتعاليم الدينية.
أمثال: "قضية إرضاع الكبير" و "نكاح الصغيرات" و إباحة ضرب المرأة ، وسبي النساء ، ومضاجعة الميتة، وأكل لحم الزوجة ، وإباحة الرق ، وشرب بول البعير ، ودموية "الخلافة الإسلامية، وإعلان الجهاد على الشعوب وإخضاعها للخيارات الثلاث " الإسلام أو الجزية أو القتل" ، والكثير من الترهات الشائعة التي تحويها ما يسمى بكتب التراث الإسلامي ، والتي عجزت عن إيجاد مخارج مناسبة ومنطقية لما خلقته من فجوات واسعة بين الإنسان ودينه الحقيقي، وبين فطرته واستخدام عقله ، فغدت المحفز الأساسي لاستفحال ظاهرة الإرتداد عن الدين في العالم العربي والإسلامي بين فئة الشباب على الخصوص-رغم وجود حكم الردة - حتى أصبحت بينة لا تخفى على أحد وتستحق الدراسة والفهم ، والتي يعود سببها إلى ما سردت جزء يسير منه.
والذي قال فيه الشيخ محمد الغزالي : إن نصف الملحدين في هذا العالم يتحمل مسؤولية إلحادهم متدينون كرّهوا خلق الله في دين الله، ، بتخاريف الأسلاف المكرورة مند قرون ، وفتاويهم الفاسدة المنسبونة ،مع الأسف، للرسول ،رغم ما تتضمنه من بالغ الإهانة له الله صلى الله عليه وسلم و التشويه خطير لصورة ما جاء به من تعاليم نبيلة ، والتي أكتفي بذكر بعض من القضاياها التي لا يصدقها إلا كل ذي عقل باهت بسيط ، كقصة جمع البخاري لــ 600 ألف حديث في 16 سنة فقط.
وقصة ختم عثمان بن عفان للقرآن الكريم في ركعة واحدة ، وقصة فوحان رائحة الشواء من احتراق كبد أبي بكر الصديق عند قرأته للقرآن، وقصة امتداد فترة حمل المرأة إلى أربع سنوات ، وفتوى تحلل الزوج من وجوب الإنفاق على وزجته المريضة لغياب المنفعة الجنسية ، وغيرها كثير من الترهات التي تضع الدين الحنيف في مصاف الأيديولوجيات الجاهلية المناقضة لجوهره الصحيح ، والذي أوجزه الصلاة الله عليه والسلام في مقولته البليغة.
: "قل لا إله إلّا الله ثم استقم" ، التي كانت ردا مفحما على المتسائلين عن كنه الإسلام الذي حصره في "التوحيد والاستقامة ومكارم أخلاق" ، الحديث الذي يكفي وحده دليلاً على فساد كومة فتاوى التكفير وتهشيم الرؤوس ، التي لا يشهرها رجال الدين ، ولايستخدمها شيوخه وفقهاؤه ، من دون خوف من الله أو وخز ضمير ، إلا للحصول على المنافع الشخصية التي تنفخ خزائنهم وحساباتهم البنكية..