وليد ناصر الماس يكتب لـ(اليوم الثامن):

حكومة مناصفة...أم حكومة محاصصة!!!

ما ان تشكلت حكومة المناصفة المنبثقة عن اتفاق الرياض، حتى هلل الشارع في المحافظات المحررة مستبشرا بقدوم خيرها، وانفراج أزمات طال أمدها، عصفت بالمواطن على مدى سنوات طوال عجاف، عانى خلالها ألوان من الفقر والجوع وانعدام الأمن وغياب الخدمات، لكنها أسابيع قليلة حتى برز الخلاف مجددا وكشر الشر عن أنيابه، وتصاعدت حدة المواجهة الإعلامية، وأخذ كل طرف يحشد أنصاره وأعوانه ووسائله لمواجهة الخصم الآخر، فوجدنا أنفسنا أمام أزمة جديدة لا تختلف عن سابقاتها، غادرت الحكومة على أثرها مقرها المؤقت، تاركة الباب مفتوحا على مصراعيه لمزيد من البلبلة والجدل وتصاعد ملفت للمعاناة على مختلف الأصعدة.
 
الأزمة الأخيرة بين القوى الموالية للرئيس هادي والانتقالي أخذت تعزز بعفوية من مصداقية الفرضية القائلة: أننا بصدد حكومة محاصصة أكثر من كونها حكومة مناصفة، رغم محاولات تجميلها وصرف الانتباه عن مساوئها.
 
وجود حكومة مناصفة أمر في غاية الأهمية ومطلوب على طريق وحدة الصف، قد يساهم بالمضي بالحق الجنوبي في مساره الصحيح، ويخدم القضية العادلة للجنوبيين على أكثر من صعيد، إذ سيجعل ذلك وزراء الجنوب النصف في الحكومة أكثر نشاطا وتحمسا للنهوض بواجباتهم ومسؤولياتهم تجاه أهلهم في الجنوب، انطلاقا من كون نشاط هذه الحكومة يتركز في معظمه على نطاق المحافظات الجنوبية، فضلا عن ان ذلك التناصف سيؤسس لمراحل تالية توضع فيها القضية الجنوبية على بساط البحث والدراسة، وتُفتح لها آفاق الحل العادل والمقبول.
 
على الأرض لم نلمح أي مظهر للمناصفة المعلنة، فمعظم وزراء النصف الجنوبي من المحسوبين على الأحزاب والقوى الموالية لشرعية هادي لا ينضبطون في صف المجلس الانتقالي، ويفتقد المجلس للقدرة على التنسيق معهم، الأمر الذي أوجد هوة خلاف سحيقة بين القوى المتفقة في الرياض وأعني هنا الشرعية والانتقالي من جهة، وداخل النصف الجنوبي نفسه في هذه الحكومة وذلك بين الانتقالي وقوى جنوبية محسوبة على هادي، فالخلاف هنا أخذ منحى آخر مما يمكن القول اننا أمام حكومة محاصصة لا مناصفة، أساء عندها الانتقالي توظيف الكثير من الحقائق والمعطيات المتاحة لصالح مشروعه السياسي، حين أخذ على عاتقه مسؤولية الدفع باتجاه إزاحة بعض قوى الحراك المعتدلة والقريبة من مشروعه، وشدد من مطالبه بعدم استيعابها في حكومة اتفاق الرياض، ليجد نفسه في نهاية المطاف دون حلفاء سياسيين في الداخل الجنوبي، باستثناء التقارب الملحوظ له مع قوى شمالية في سواحل البلاد الغربية، لا نتوقع نجاعة التحالف معها على الأمدين المتوسط والبعيد، الشيء الذي يدعو المجلس الانتقالي مجددا لإعادة ترتيب أوراقه إزاء العديد من المسائل والملفات الهامة والضرورية للمرحلة المقبلة.