صالح شائف يكتب:

٧ يوليو ذكرى وذاكرة .. ومحطة وثوب المارد الجنوبي !

كان وسيبقى يوم السابع من يوليو عام ٩٤م يوماً شاهداً في التاريخ على إسقاط وسقوط مشروع ( الوحدة ) بالحرب؛ حين تم إجتياح عدن عاصمة الجنوب في ذلك اليوم الأسود؛ وكان تتويجاً للحرب العدوانية القذرة التي بدأت ظهر يوم ٢٧ أبريل من نفس العام .
غير أن تاريخ ٧ يوليو ٢٠٠٧م قد كان تاريخاً مختلفاً ونقيضاً لذلك اليوم من عام ٩٤م؛ ولعل السبب الأول والرئيسي يكمن في دلالة ومحتوى الرسالة التي يعكسها ذلك الحدث التاريخي؛ وببعده الوطني العميق ورمزيته وطابعه الثوري الذي حظي به؛ ليكون عنواناً وبداية لمرحلة تاريخية جديدة من العمل الكفاحي المنظم للشعب الجنوبي؛ وكان إختياره دون سواه من الأيام رداً مدروساً وبعناية بالغة على يوم السابع من يوليو الأسود عام ١٩٩٤م؛ وتعبيراً عن إرادة التحدي والمواجهة الشاملة مع نتائج ذلك اليوم المشؤوم الذي دشن به نظام صنعاء رسمياً إحتلاله للجنوب معتبراً أياه نصراً ( تاريخياً )؛ وهو الذي تحول إلى شاهد على هزيمة مشروع صنعاء وعلى جريمتها التاريخية بحق مشروع ( الوحدة ) بين الدولتين؛ وسيبقى بالمقابل أيضاً يوم ٧ يوليو ٢٠٠٧م شاهداً على إنتصار مشروع عدن الوطني التحرري العادل الذي يقترب بثبات من تحقيق الهدف العظيم لشعبنا في الجنوب .
سيبقى التاريخ شاهداً حياً ولن يموت أبداً من ذاكرة أبناء الجنوب جيلاً بعد جيل؛ لما لذلك من دلالات ومعاني تختزل أشياء وأشياء لا يمكن القفز عليها؛ أكان على صعيد الذاكرة التاريخية أو على صعيد تدوين التاريخ الذي صنعته الحقائق ودونته الوقائع والمعطيات على الأرض .
فالفرق واضح وجلي ما بين يوم ٧ يوليو الأسود عام ٩٤م؛ الذي أجتاحت فيه جحافل قوى النفوذ والأطماع الشمالية الغازية أرض الجنوب؛ وأسقطوا منذ ذلك اليوم وبأيديهم الملطخة بدماء الجنوبيين؛ إعلان مشروع ( الوحدة )؛ وسقطت معه بعدوانهم هذا تحت جنازير دباباتهم وراجمات صواريخهم وطائراتهم المتعطشة لدماء أبناء الجنوب وتدمير مدنهم وقراهم؛ بل وحتى تم قصف مؤسسات الخدمات التي تعينهم على الحياة كالمياه والكهرباء والمستشفيات بل وحتى مصافي عدن التي كانت هدفاً رئيسياً لهم؛ وما بين ٧ يوليو ٢٠٠٧م يوم إنطلاق المارد الجنوبي الجبار نحو تحقيق هدفه العظيم والمتمثل بإستعادة دولته وكرامته وكبريائه الوطني وتاريخه المجيد؛ والذي أثبت قدرته وجدارته بإستعادة حقه وحقوقه وسيادته على أرضه؛ حينما توج ذلك بإنتصاره المؤزر حين جرع الغزاة وبنسختهم الجديدة مرارة الهزيمة في حرب عام ٢٠١٥م .
فقد أصبح ٧ يوليو الأسود منذ ذلك العام  شاهداً مخزياً على أصحابه ومسجلاً صمود وعنفوان المارد الجنوبي المدافع عن حقه وحقوقه وتاريخه ومستقبل أجياله .
أن الطريق الأمثل والآمن لعلاقات سوية وندية وأخوية سليمة بين الجنوب والشمال؛ هو الإعتراف بحق الجنوب في إستعادة دولته وسيادته على أرضه بعيداً عن أية أوهام؛ ضماناً لعلاقات حسن جوار متينة بين شعبين شقيقين؛ تربطهما علاقات متميزة وأواشج الأخوة التي تكونت عبر عقود طويلة من الزمن؛ وهي متعددة الأبعاد والميادين وفي مختلف جوانب الحياة؛ والتي بها وعبرها تصان فيها الحقوق المختلفة؛ وتضمن كذلك إنسياب المصالح والمنافع المتبادلة وما أكثرها؛ والقائمة على الإحترام المتبادل لطبيعة وخصائص النظام السياسي في الدولتين الشقيقتين .
وبغير ذلك فلن نجد للأمن والإستقرار مكاناً؛ وستبقى الحروب عنواناً للصراع الذي يريده ويتمناه الطامعون والمتنفذون بثروات الجنوب من القوى التقليدية وأصحاب المشاريع الأيديولوجية المغلفة بالدين زوراً وبهتاناً؛ وهو الأمر الذي لن يتحقق لهم بكل تأكيد؛ مهما أبدعوا وتفننوا في محاولاتهم الدنيئة والخسيسة في إشعال فتيل الفتنة بين أبناء الجنوب وتحت ذرائع مختلفة؛ ولن ينجح مالهم السياسي المدنس من تحقيق غايتهم الشيطانية هذه؛ فقد أدرك أهلنا في الجنوب من أرخبيل سقطرى الساحرة على بحر الحرب؛ ومن جبل صرفيت وضربة علي في حوف بالمهرة شرقاً؛ وحتى جزيرة ميون وباب المندب غرباً؛ كل مآربهم وخطورتها على حياتهم ومستقبل أجيالهم؛ ولن تمروا هذه المرة !.