نصر هرهرة يكتب:
قراءة في المشهد السياسي
الوصع السياسي في منطقتنا شديد التعقيد والتركيب ولادراك ما تعبر عنه تجلياته تتطلب عقل سياسي مقتدر فكل ظاهرة سياسية تعكس عدة احتمالات يصعب على عامة الناس ادراك الاحتمال الحقيقي الذي تعكسه.
فالانتقالي مرتبط في عدة علاقات متشابكة ومع قوى متحدة ومتناقضه وقوى متصارعة وبينها مصالح مشترك فهو في اطار تحالف الضرورة مع الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا ومع دول التحالف العربي يجمعه معهم الحرب ضد الحوثي وادارة المناطق المحرره.
ولكن هو في حالة خصومة سياسية مع الحكومة اليمنيه في الاهداف السياسية الاستراتيجية بل وترتقي الى درجة العداوة حيث ينشد الانتقالي خيار الدولتين على حدود ما قبل 22 مايو 1990 م وتنشد تلك القوى اليمنية اعادة الوضع الى ما قبل تحرير الجنوب في 2015 م والانتقالي والحكومة اليمنية موقعين على اتفاق الرياض بمباركة ودعم التحالف العربي والدول الاربع الراعية وكل المجتمع الدولي وكل منهم يرى فيه تحقيق لاجندته السياسية.
فالانتقالي يرى فيه آلية للخلاص من قوات الغزو والاحتلال في ابين وشبوة وحضرموت ويرى فيه شرعنة واعتراف خارجي ومن قبل الحكومة اليمنية به ككيان سياسي وليس مكون سياسي ، و الحكومة اليمنية ترى فيه اذابة والتهام للقوات الجنوبية والمقاومة وتحويل الانتقالي الى مجرد مكون سياسي اسوة ببقية المكونات وكلاهما موقعين على الاتفاف لكي يذهبوا الى العملية السياسية القادمة التي ترعاها الامم المتحدة في وفد تفاوضي مشترك وكل منهم يحمل اجندة سياسية مختلفة.
فالحكومة اليمنية المعترف بها دوليا تريد الانتقالي معها في الوفد المشترك بهدف استخدام قوته ونفوذه على ارض الجنوب في ميزان المعادلة السياسية في العملية السياسية لصالحها ضد الحوثي ، وترى في الانتقالي خصم سياسي حين يطرح قضية الجنوب الوطنية ، سيكون الخلاف على اشده بينهما في اول العملية السياسية اذ لم نقل في مرحلة التحضير لها.
فالانتقالي يرى ان حل القضية الجنوبية ذو اولوية وهو المدخل لحل كل قضايا المنطقة بينما الحكومة اليمنية ترى ان ذلك قد تم في حوار صنعاء وينبغي تنفيذ مخرجاته وهي بذاك تلتقي في عدة نقاط مشتركة مع الحوثيبن ضد الجنوب وممثله الانتقالي تلتقي مع الحوثيين بتلك النقاط وهو الخصم الاساسي لها في الحرب وفي العملية السياسية وتختلف مع الانتقالي وهو الشربك لها في الحرب وفي العملية السياسية وهكذا وبهذا التعقيد والتركيب يتمحور الوضع السياسي.
البعض يتحدث عن سيطرة الانتقالي على الاوضاع في عدن ولحج وابين والضالع وسقطرى ويطالب بمزيد من الاحراءات وجمع واستخدام الموارد وتعيين الكوادر وووو ولا يعرف ان الانتقالي حتى اللحظة لا يمتلك القرار السيادي ومازالت الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا تتحكم بناصية القرار وهناك قرارات سيادية تتخذ من قبل رئيس الوزراء او رئيس الجمهورية وقد تمكن الانتقالي من خلال اتفاق الرياض وتعيين محافظ عدن من الوصول الى بعض مواقع اتخاذ القرارات الادارية والمالية لكن مازال بعضها مرتبط بالموافقة المركزية.
فالبعض لا يدرك هذا التعقيد وهذا التركيب بل يذهب البعض الى ما هو اصعب واخطر وهو السيطرة الشامله لا يدرك خطورة ذلك في ان الخصم ينظر اليه انه اكمال للانقلاب في الجنوب وتمرد على اتفاق الرياض وعلى الاجندة الاقليمية والدولية ناهيك ان هناك من لايدرك ان حجم الموارد الممكن تحصيلها لا تغطي الاحتياجات المرصودة في الموازنه وان تحمل ذلك له تبعات قد لا يستطع الجنوبيين تحمل وزرها.
وهناك من يرى ان على الانتقالي اجتاح خطوط التماس في شقرة والوصول الى واداي حضرموت مرورا بالمديريات الشرقية لابين ومحافظة شبوة ، وهو لا يدرك القدرات والامكانات والفرص المتاحة لذلك لا يدرك ان التحالف والمجتمع الدولي موجود وبقوة ويريد تنفيذ اتفاف الرياض ولن يسمح لاي من الطرفين اجتياح خطوط التماس وان التحالف تدخل من اجل الشرعية واعادته الى صنعاء بغض النظر عن واقعية الهدف اليوم ، وان حرب ابين قد كانت عبثية ودفع فيها الجنوبيين ثمن كبير من الدماء والارواح والعتاد بدون نتيجة مفيدة تذكر.
وفي المقابل هناك من يرى ان ثبات الوضع العسكري كما هو يعني فرض لمخرجات حوار صنعاء للاقاليم وتقسيم الجنوب هذا التعقيد في المشهد السياسي يتطلب عقل سياسي قوي يتمكن من التقاط الفرص في حينها والتعامل مع حالة اللا حرب واللا سلم.
وهناك في الخارج من يراقب الوضع السياسي وتاثيره على مصالحة في المنطقة وخصوص مع قرب اكتمال مشروع طريق الحرير ومع مزيد من ادراك العالم ودول الاقليم لاهمية المنطقة الاستراتيجية واهمية ثروات الجنوب ونسج الخطط والاستراتيجات التي تظمن مصالحه القائمة ومطامعه والبعض قد اصبحت له اذرع تنشط على ارض الواقع.