وليد ناصر الماس يكتب لـ(اليوم الثامن):
تصريحات أميركية مثيرة.. وردود جنوبية غاضبة!!
في تصريح مثير للجدل القائمة بأعمال السفير الأميركي لدى اليمن كاثي ويستلي تدعو القوى الجنوبية المطالبة بالانفصال للتوقف الفوري عن مطالبها، وتلوح في سياق تصريحها المقتضب بردود دولية على تلك المطالب.
في قراءة سريعة حول تلك التصريحات وردود الفعل إزائها نستكشف عدة أمور ترتبط بها:
الأمر الأول البيان صادر عن وزارة الخارجية الأميركية ممثلة بسفارتها في هذا البلد، ما يعني ان ذلك التعبير له دلالات واضحة ومهمة، إذ يمثل التوجه السياسي الرسمي للإدارة الأميركية تجاه مجمل القضايا في هذا البلد.
الأمر الثاني: انطوى التصريح الموجز على تهديد صريح، وذلك يتأتى في سياق وضعية هذا البلد ككل، الكائن تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة منذ سنوات مضت، الشيء الذي خول القوى الدولية الحق في تجريد قواه السياسية المختلفة من الأهلية والسيادة على الأرض.
الأمر الثالث: يتزامن هذا التهديد مع متغيرة عدة ترتبط بشكل مباشر بما يدور في الساحة المحلية، أولها الإجماع الدولي حول مسألة إنهاء الحرب الدائرة في هذا البلد وإغلاق ملف الصراع بشكل تام، ويتصدر هؤلاء إدارة بايدن التي تبدو أكثر تحمسا في هذا الإطار، وثانيها الخلاف السعودي الإماراتي حول بعض جزئيات الحرب في الداخل اليمني، والذي برز للعلن مؤخرا وأخذ يتصاعد مع التناقض بين مشروعي الدولتين، فقد عمدت الأخيرة نحو ترسيخ المزيد من النفوذ والهيمنة، دون الاكتراث للمملكة التي ترى لها الحق الحصري في الأستحواذ على قرارات ومقدرات هذا البلد.
الأمر الرابع: ويتعلق بتعثر اتفاق الرياض الذي رعته الرياض نفسها، والموقع بين طرفي النزاع الرئيسيين الحكومة والمجلس الانتقالي، الشيء الذي وضع المملكة في موضع التساؤل والاستجواب، وأضر كثيرا بسمتعها داخليا وخارجيا، وأظهر دورها بالمظهر الهزيل، كما فاقم من الصعوبات والعقبات السياسية والاقتصادية والأمنية في المحافظات المحررة، مما أسهم في تصاعد الأصوات المطالبة بالتخلص من وجودها العسكري، وفي هذا السياق لا نستبعد وجود تنسيق سعودي أميركي مباشر، من شأنه كبح نفوذ المجلس الانتقالي المتنامي في المحافظات الجنوبية، والذي ترى الرياض فيه تهديدا حقيقيا ومباشرا لمصالحها ومشروعها المتمثل في إنتاج نظام جديد تُعهد إليه عملية إدارة هذا البلد.
في هذا الاستعراض السريع ما ينبغي الإشارة إليه هو ردة الفعل الجنوبية إزاء تلك التهديدات، فهناك استياء شعبي عارم يشهده الشارع الجنوبي نحو تلك التصريحات، إذ يعتبرها هؤلاء تدخلا سافرا وتصعيدا خطيرا، قد يعيد الأمور إلى مربع الأحداث السابق ما قبل 2015م، كما أنها أي التصريحات لم تحمل في سياقها أي دعوات لإعادة إصلاح الوحدة التي أُثبت عدم فعالية وضعيتها الراهنة.
وهنا يثور سؤال بديهي: ما الاستراتيجيات المستقبلية للمجلس الانتقالي للتعاطي مع المتغيرات المستجدة والتوجهات المتبدلة؟....سيما بعد قبوله باتفاف الرياض وخلافه مع قوى تشاطره العديد من القواسم والعوامل المشتركة.