ميلاد عمر المزوغي يكتب لـ(اليوم الثامن):

الهرم الرابع.. رجل بحجم أمة

قلائل أولئك الرجال الذين يخلدهم التاريخ,صنعوا بأنفسهم أمجاد أممهم,عملوا المستحيل وجدفوا ضد التيار في سبيل أن تكون لشعوبهم حرية العيش بكرامة فوق ترابهم الوطني,ضاقوا الأمرين القي يبعضهم في غياهب السجون لكن ذلك لم يفت من عضدهم, بل ازدادوا إصرارا في درب  الحرية والاستقلال.

تمر علينا ذكرى ثورة 23 يوليو التي قادها الزعيم عبد الناصر, الذي سعى بكل جهده في أن يحرر مصر من الاستعمار الانجليزي رغم نيلها الاستقلال المزيف,حيث امّم قناة السويس,بنى السد العالي,حمى مصر من فيضانات مدمرة,بعض المصانع الاستراتيجية.

وقف الى جانب حركات التحرر العربية والإفريقية, ناصبته الأنظمة الشعوبية العداء لأنها ترى فيه سقوطها المدوي,خاطب الجماهير العربية مباشرة, أنار لها الدرب وأوضح لها حقيقة ما يحاك ضدها لأن تبقى أسيرة الاستعمار,قال عن الثورة الفلسطينية أنها أنبل حركة تحررية في تاريخنا المعاصر, اصطحب عرفات معه إلى موسكو في محاولة لأن تنال الشرعية الدولية.

تعيش الأمة اليوم في أحلك الظروف,الجامعة العربية أصبحت إحدى المنظمات الأممية التي تستهدف الأمة, فهي اليوم عين الغرب على العرب,تساهم في تفتيت الأمة,ساهمت في الحرب على العراق ما ادى الى احداث فتن بين مكوناته المذهبية والعرقية بعد ان كان يضرب به المثل في التعايش السلمي بين ابنائه ,لا تزال الجامعة وعلى مدى خمس سنوات تمد الارهابيين بالمال والسلاح لأجل احلال الدمار والخراب بسوريا,نقلت الجامعة العربية الملف الليبي الى اروقة الامم المتحدة فتم تدويله واستصدار قرارات اممية ادت الى احداث حالة من الفوضى الامنية والاقتصادية والاجتماعية,ثلاثة حكومات ,ثلاثة جيوش,ناهيك عن الميليشيات المسلحة,اصبحت ليبيا تحت الوصاية الدولية,ملاذا امنا للمجرمين ومصدر ازعاج لدول الجوار.

القارة الافريقية ابان الزعماء العرب المشهود لهم بالسعي الى خلق روابط  متينة مبنية على تبادل المنفعة,حيث اقيمت بها العديد من المشاريع الاقتصادية التي ساهمت زيادة الدخل وبالتالي تحسن الخدمات,بالمقابل فان غالبية الدول الافريقية وقفت الى جانب القضية الفلسطينية في المحافل الدولية. في ظل التشتت العربي,نجد بعض دول القارة تفتح ذراعيها لعودة الصهاينة الذين تم طردهم من القارة,لأجل خلق بؤر التوتر بين مصر ودول منبع النيل حيث سد النهضة الذي سوف يقلل من انسياب مياه النهر ما يؤثر سلبا على انتاج الطاقة الكهربائية, وبالتالي التأثير على الانتاج الزراعي.

بعد هزيمة الشيوعية, استفرد الغرب بالعرب فأحدثوا ما اسموه الربيع العربي, اصبح كل قطر منشغل بمشاكله الداخلية,لم تعد فلسطين البوصلة,اسقطت لاءات الخرطوم الثلاث,بعض دولنا تقيم معه علاقات دبلوماسية وتجارية,الاراضي الفلسطينية بما فيها المعترف بها دوليا آخذة في التناقص (ربما الاندثار) بفعل سياسة الاستيطان, في احسن الاحوال ندين ونشجب ونستنكر.

كان عبد الناصر لكل العرب, عاش ومات لأجلهم ,انه رجل بحجم امة, كبّلت مصر باتفاقيات كامب ديفيد,حيّدت مصر عن الصراع العربي الصهيوني,العرب اليوم, تائهون, مشتتون, يتقاتلون فيما بينهم, يعودون بأنفسهم الى زمن الوصاية الدولية,الامة في امس الحاجة الى ظهور اناس قلبهم على الوطن,يبثون فيه الروح من جديد.تحية الى العروبيين في ذكرى انطلاق ثورتهم.