منى الجبوري تكتب:

عذر إيراني أقبح من ذنب

لست أدري هل كان ما قد ذكره المتحدث بإسم وزارة الخارجية الايرانية في يوم الاثنين 23 أغسطس 2021، خلال مٶتمر صحفي له بشأن محاكمة حميد نوري المسٶول السابق في إيران في السويد بتهمة الضلوع في مجزرة السجناء السياسيين في إيران عام 1988، بعد صمت ملفت للنظر، مجرد صدفة أم إن ذلك كان ردا على مقالنا الذي نشرناه في صباح نفس اليوم في موقع "ميدل ايست اونلاين" بعنوان "صمت طهران الغريب" والذي كان يركز على صمت طهران على المحاكمة الجارية لحميد نوري في السويد.

المتحدث بإسم الخارجية الايرانية وصف بأن ما يجري في السويد هو مؤامرة من قبل مجاهدي خلق وأنه للأسف المحكمة السويدية قامت بعمل سلسلة من الروايات الكاذبة. وأكد "حقا، كل من مجموعة واحدة يظهر ما وراء الخطة." واضاف "ان ايدي هذه المجموعة الارهابية ملطخة بدماء اكثر من 17 الف ايراني". والاغرب ما جاء في هذا البيان تبرير الصمت الرسمي على هكذا تطور غير عادي يتعلق بإتهام نظام سياسي بإرتكاب جريمة ضد الانسانية عندما إستطرد المتحدث بإسم الخارجية الايرانية: "من المؤسف أن تجري محاكمة في السويد بناء على مثل هذه الخطة. نحن بالتأكيد نشوه هذه العملية ونعتقد أنه تم تصميمها، خاصة أثناء تغيير الحكومة في إيران. من الطبيعي أننا أجرينا محادثات مختلفة مع الجانب السويدي وما حدث للسيد نوري للأسف، كان محل احتجاج شديد من قبلنا واحتججنا نحن وسفيرنا في ذلك البلد"، مع الإشارة الى إن السفير عندما تدخل لم يشير الى المحاكمة ولا حتى الى اسم حميد نوري وإنما ذكر إنا هناك سجين إيران لدى السويد!

ومن دون أن يتم التطرق الى أصل وأساس المشكلة، أي مجزرة عام 1988 بحق آلاف السجناء السياسيين الايرانيين وما تردده وسائل الاعلام العالمية خلال الاسابيع الماضية، وباسلوب يمكن وصفه بالهروب للأمام إذ وكما سبق وإن إتهمت الجمهورية الاسلامية الايرانية حكومة الولايات المتحدة ومجلسي النواب والشيوخ بأنهم قد أصبحوا أداة بيد منظمة مجاهدي خلق، فإن المتحدث باسم وزارة الخارجية الايرانية وبنفس الاسلوب أضاف: "يجب أن تعلم الحكومة السويدية والمحكمة السويدية أنها أصبحت جزءا من آلة دعاية لـ مجاهدي خلق". لكن وكما ذكرنا فإن المتحدث بإسم الخارجية الايرانية لم يزدنا علما بشأن ما قد جرى في صيف عام 1988، والضجة الدولية المثارة بشأن ذلك وخصوصا منذ الاعلان عن فوز ابراهيم رئيسي، في إنتخابات الرئاسة، وتقديم المبررات والمسوغات التي تٶكد وتثبت براءة حميد نوري ومن وراءه نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية من ارتكاب تلك المجزرة، فإنها وبطريقة ضبابية مغالطة ومعاندة أشبه بذلك الذي تراهن مع صاحبه على كائن اسود أبصراه من بعيد على إن ذلك الكائن معزة فيما قال رفيقه بأنه غراب ولكن وعندما طار ذلك الكائن بما يثبت إنه غراب، فإن صاحبنا المراهن على إنه معزة هتف: معزة ولو طارت.

إن كل ما فعله ويفعله نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية من أجل رفض وإنكار إرتكابه لهذه الجريمة هو سعي عبثي من دون طائل ومعاندة فارغة لاجدوى منها ولاسيما بعد نشر التسجيل الصوتي لآية الله منتظري أيام كان نائبا للخميني وهو يقوم بإستقبال لجنة الموت الرابعية ومن بينهم ابراهيم رئيسي وأعرب عن استيائه من تلك المحاكمات الصورية وأكد على إن التأريخ سيشير لهم كمجرمين، ومن دون شك فإن هذا الموقف بصورة خاصة كلفه كثيرا حيث تم عزله من منصبه وأصبح قيد الاقامة الجبرية حتى وفاته.