فواز الحنشي يكتب:
مشروع طريق باتيس.. قناة السويس
في الوقت الذي كاد أن يتسلل فيه اليأس والإحباط إلى قلوب الناس في مناطق يافع، جراء تعثر مشروع الحياة طريق (باتيس – رصد – معربان) لأكثر من مرة، منذ سبعينيات القرن الماضي، بالرغم أن المشروع أُدرج ضمن موازنات حكومات تعاقبت على حكم البلد عقود من الزمن، وأخيراً في العام 2008 على وجه التحديد، جاءت منحة مقدمة من (دولة قطر) لهذا المشروع البالغ طوله 96 كم لكنها تعثرت هي الأخرى بفعل الأوضاع التي تشهدها بلادنا من حروب ومشاكل وتوقفت معها جميع أعمال التنمية، وكان قد أنجز من المشروع تقريباً 25 كم شق وسفلته، و 18 كم شق وجاهز للسفلته، أي تم إنجاز 43 كم، إلا أن عوامل الطبيعة كالسيول وغيرها، أدت لخراب بعض مما قد تم إنجازه.
وكما يقال في الأمثال السابقة أن “لكل زمان دولة ورجال”، فهاهي يافع التي تمتلك مخزون من الرجال الذين طوعوا الحياة والطبيعة ذات التضاريس الصعبة لمصلحتهم، ونحتوا الصخور وشيدوا المباني والقصور على قمم الجبال الشماء، لم يتوارو ولم يغفلوا عن هذا المشروع العظيم، فهبَّوا هبّة رجل واحد في حشد المواطنين لجمع التبرعات لهذا المشروع الحيوي، طريق (باتيس – رصد – معربان – لبعوس)، وكلهم عزيمة وإصرار على المضي قدماً في تحقيق طموح الآباء وتنفيذه مهما كلفهم ذلك من ثمن، غير آبهين بأي صعوبات تقف في طريقهم، لأنهم واثقون بالله وماضون بعزيمة وإصرار على تحقيق هذا الحلم الذي طال انتظاره ما يقارب 50 سنة.
لم يمر سوى أسبوع واحد على انطلاق الحملة الشعبية لجمع الأسهم والتبرعات في بعض قرى ومناطق يافع، إلا أن الحملة حققت نجاحاً باهراً لم نكن نتوقعه، حيث اقترب الدعم من تحقيق رقم المليار ريال، ولا يزال الحشد مستمر في عدد من القرى اليافعية، مع العلم أن هناك قرى لم تدخل خط المنافسة حتى الآن، وهناك رجال أعمال سيرجحون الكفة في الوقت المناسب.
وخلال الأسبوع الأول تصدرت مناطق كلد (المستفيدة الأولى من المشروع ) حجم التبرعات، وعدد الأسهم في تزايد، فيما تجري المنافسة بين مكاتب يافع العشرة.
فوائد تحقيق الحلم وتنفيذ مشروع الطريق
هناك فوائد جمّة ستتحقق بنجاح مشروع طريق باتيس – رصد – معربان – لبعوس، منها اختصار المسافة الزمنية بين يافع الساحل والجبل، وربط يافع بالعاصمة عدن، وعدد من المحافظات، عبر طريق دائري سيمر في كافة مناطق يافع، وهذا بدوره سيؤدي إلى توفير الكلفة في النقل وتقليل الوقت والجهد أثناء السفر.
ومن الفوائد التي يحققها تنفيذ مشروع الطريق أيضاً، تشجيع الناس (ذكوراً، وإناثاً) على مواصلة التعليم الجامعي، الذي بدأ الكثير يعزف عنه نظراً لبعد المسافة وقلة الإمكانات، أما الجانب الصحي فهو الآخر الذي سيشهد انتعاشاً من خلال إسعاف المرضى من الريف إلى المدينة، كون أغلب المرضى يموتون في الطرق الوعرة قبل وصولهم إلى عدن.
ولأن مناطق يافع جميلة بأهلها وبفنها المعماري ومناظرها الطبيعية الخلابة خصوصاً أيام الصيف، سيكون هذا عامل جذب للسياحة الداخلية، وهذا بحد ذاته سيؤدي إلى انتعاش حالة الناس وخاصة الذين يعيشون بالقرب من الطريق.
وهنا تجدر الإشارة إلى أن يافع التي دشنت ثورة الطرقات سنة 2015، وربطت أغلب مناطق يافع فيما بينها (السهل والجبل) ستمضي عازمة على تحقيق هذا الحلم بدعم أبنائها، وأهلاً بالدول المانحة إذا أوفت بما وعدت.
ومثلما يتفاخر المصريون بشقهم لقناة السويس التي ربطت بين الشرق والغرب، وسهلت الحركة بين طرق النقل والتجارة العالمية، سيكون ليافع وأبناءها، (كل أبناءها)، الفخر والاعتزاز بتنفيذ مشروع طريق باتيس – رصد – معربان – لبعوس، الذي نراه مشابه لمشروع شق طريق قناة السويس؛ لأننا نعيش المعاناة نفسها واقعاً.
وختاماً، نشد على أيدي كل يافعي أن يضع بصمته لتحقيق هذا الطموح والحلم المنشود.
ونسأل الله العون والتوفيق.