صالح علي باراس يكتب لـ(اليوم الثامن):

توظيف الذاكرة السياسية!

 من حق العطاس ان يستذكر مآسي مرحلة كان فاعلا فيها والجنوب بحاجة لتوثيقها لا توظيفها لكن المسؤولية الاخلاقية توجب عليه ان يعتذر شخصيا عنها ثم يعتزل العمل السياسي فليس مقبولا من رجل ظل فاعلا في تجربة دموية عقودا ان يعيد انتاج نفسه بالاستذكار قائدا تاريخيا

 "خالد باحاج" شاب لا يهتم له الاعلام الموجه ولا القيادات التاريخية كغيره من الالاف من شباب المقاومة الجنوبية وقادتها الميدانيين ، "باحاج" وجيله هم حاضر الجنوب العربي ومستقبله ليس جيل من ظلوا يتقاتلون على الواجهة كالتاريخيين ومازالوا يلقون بظلالهم !!
لما اجتاح الحوثي عدن حمل سلاحه وقدّم ماله ونهض قائدا مدافعا عن عدن !! ولم يتفرج عن بُعد كحال بعضهم او يشرعن للحوثي انه اجتاح الجنوب يحارب الدواعش كحال البعض الاخر

"باحاج" لم يفاخر برصيده المقاوم بل قام بواجبه وعاد لحياته ولم يطلب ثمنا لكنه اورد شهادة من اخطر الشهادات وانه التقى العطاس في ابريل 2016م في شقته بمدينة نصر بالقاهرة وفي سياق مناقشة حول مستقبل الجنوب بعد كسر الاجتياح الحوثي قال العطاس كما اورد باحاج " اذا لم تكون لنا الريادة في قيادة الجنوب فلن تستقروا ، وكما قلتها لك المره السابقة ابلغ بها رفاقك.!!!! "
 ان بلدانا من العالم قدمت تجارب اكثر دموية من الجنوب فتخلصت من ادوات الفعل الماضوي وانتجت تجارب اكثر اشراقا ولن يكون الجنوب استثناء وشهادة العطاس لا تدين مستقبل الجنوب بل تدين تجربة ماضية هو من فاعليها وتؤكد انه /انهم لايصلحون لمستقبلها بل عبء على الجنوب ، فذاكرة ذلك العبء السياسية "مفرمتة" على "اذا لم تكن لنا الريادة وقيادة الجنوب لن تستقروا!!"
لا خلاف مع ما اورده العطاس "للعربية" فهو يشهد عن تجربة الكل يعلم ان جانب منها مليئ بالقتل من اجل السلطة لكن الخلاف في توقيته وتوظيفه ومن المستفيد منه وفي كيفية تبرئته لنفسه وهو متواجد في مراحلها !! هل لمصلحة الجنوب ام ضده ام في خانة " اذا لم تكن لنا قيادة الجنوب لن تستقروا !! " ام في خانة اخرى ، في ظل حملة تنميط يمنية تتقاطع مع اجندات اقليمية لاعادة يمننة الجنوب او لتقطيعه !! ولن تحقق اهدافها الا بتهويل المناطقية في الجنوب وتضخيمها وتجنيد دعاة لها واعادة كتابة تاريخ الدم فيها بما يخدم تلك المخططات وان الجنوب لن ينتج تجربة وطنية جديدة الا تجربة "التاريخيين" وهو المغزى في التوظيف !! الذي وجد في صراعات "اين موقعي للتاريخيين" نموذجا وادوات لها ووجد في الاعلام الموجه لافتات اعلانية لها
 بلاد العالم تتعامل مع من تولّى العمل العام بدء برئيس الدولة وانتهاء بعامل البلدية بانه "موظف عام" الا عندنا فانه يظل قائد تاريخي يجب "تصنيمه" ويجد في المناطقيات والقبليات الجهويات والتعصبات وشلل النفاق حماية لاعادة تاهيله قائدا تاريخيا ، تاريخيون رفضوا وجرّفوا ماقبلهم في الماضي ولا يقبلون المستقبل الا اذا كانت قيادته لهم .. اذن لماذا تصالح وتسامح الجنوبيون ؟ الم يتصالحوا لمعالجة مااجترحه التاريخيون من تدمير للماضي وهم الان يتكالبون لتدمير المستقبل؟

 لقد احجم اعداء التجربة او من لهم موقف مختلف او ثاري معها عن استذكار تفاصيلها حرصا على تفعيل التصالح والتسامح وترميم جبهة الجنوب ضد المشاريع المعادية لاستقلاله فهل توقيت "ذاكرة العطاس" للتاريخ ام للتوظيف !!؟ لقد ظل عقودا في شقته في مصر فلماذا لم يتذكر او يكتب مذكراته !!؟
الرجل كغيره من معظم التاريخيين لا يبحث عن وطن ولا تهمه قضية بل باحث عن سلطة واذا لم يجدها في الجنوب سيبحث عنها في مشروع اخر وسيكون تبريره "فرضت علينا" !!.
مع ان عبارته لباحاج "اذا لم تكن لنا قيادة الجنوب فلن تستقروا"!! تكاد تكون خارطة طريق لذاكرته السياسية مع قناة العربية

4 سبتمبر2021م