رئيس التحرير يكتب:
"اليمن الكبير" يقتل الجنوبيين لـ"وحدة" الحوثيين
أحكم الحوثيون الموالون لإيران والمدعومون من أطراف إقليمية كقطر، سيطرتهم على جغرافيا ما كان يعرف بـ "الجمهورية العربية اليمنية"، أو المملكة المتوكلية، قبل الانقلاب (غير المكتمل)، على الأخيرة في ستينيات القرن الماضي.
السيطرة الحوثية (هذه) تمثل انتصاراً للمملكة المتوكلية، التي عادت بصورة سريعة لم تخطر على بال حكام الدول الإقليمية، الفضل لـ "الزيدية السياسية"، التي تحكم اليمن بالنظام الجمهوري والملكي والإخواني والحوثي.
بات هزيمة الحوثيين من المستحيل، أو على الأقل منعهم من السيطرة على مأرب، هذه مهمة مستحيلة التحقيق، في ظل توقف الحرب ضدهم تماماً، وتحولها إلى حرب صوب الجنوب الذي يفترض أنه محرر من الوجود الحوثي، مع التأكيد أن "كلمة محرر يمكن أن تستثني منها "المهرة ووادي حضرموت"، حيث ينشط الحوثيون بشكل علني هناك.
أما شبوة، فالوضع أقرب ما يكون إلى وضع المهرة، جميع الأطراف اليمنية متواجدة في "عتق"، -حوثيين وإخواناً-، فإن لم تتقاطع المصالح السياسية، فقد تقاطعت "المصالح الزيدية"، ومنها المصالحة الاقتصادية والتشارك في الثروات النفطية وتهريب النفط إلى الخارج.
السؤال المطروح اليوم.. هل الإخوان وحدهم من يدعمون الأجندة الحوثية في الجنوب؟، الإجابة بكل تأكيد لا، ليسوا وحدهم، فهناك أطراف يمنية وجنوبية تخدم المشروع الإيراني وتتواجد في عواصم القرار الإقليمي المناهض لمشروع طهران.
المسألة لا تكمن في تمكين الحوثيين من شبوة ومشاركة الإخوان الحكم والسلطة هناك، المسألة تكمن في الإعلام الممول من دول التحالف العربي التي يفترض أن يظل خطابها مناهضاً لجماعة الحوثي، لكنها تدافع عن الحوثيين وكأنهم آخر من يدافع عمّا يسمى بالوحدة اليمنية أو مشروع اليمن الكبير.
المشروع الذي قتل شقيقين في العند، ثم قتل أمهما بعد أيام قليلة من فقدانها لهما، هذا هو مشروع اليمن الكبير "شابان مقبلان على الزواج، وأمهما يقتلون بصواريخ "وحدة الحوثيين اليمنية" التي لا تختلف عن وحدة نظام علي عبد الله صالح والإخوان المسلمين.
لقد كنا ندرك "الخطاب المقيت"، لبعض الأدوات المحلية في الجنوب"، حين كانوا يحرضون على قتل اليمنيين الشماليين وطردهم من الجنوب، بدعوى تحرير الجنوب، وحين كنا نقول: إن المواطن اليمني ليس خصماً لنا، ودائماً ما يؤكد العقلاء في الحراك الجنوبي ولاحقاً في المجلس الانتقالي الجنوبي، بالحفاظ على مصالح الأشقاء اليمنيين في بلادنا، لكن هناك من كان يحرض على قتل المدنيين الأبرياء بما فيهم الأطفال.
كان تحالف نظام ما بعد انتخابات 2006م، ونظام ما بعد 2011م، يدفع نحو قتال جهوي في الجنوب ضد المدنيين اليمنيين، ولكن كانت كل المساعي قد باءت بالفشل وما زالت تبوء، شاهدنا ما كان يحصل في ردفان بداية انطلاقة الحراك الجنوبي، التي انطلقت كثورة جنوبية من جبال الذئاب الحمر، وخرج أبناء الحبيلين لرفض تلك الأساليب، مؤكدين على عدالة القضية الجنوبية.
اليوم تحولت تلك الأدوات القبيحة التي كانت تحاول قتل قضيتنا في المهد، إلى حديث عن "اليمن الكبير"، بدعوى أن الجنوب لم يعد يعجبهم، يا للعجب.. ومنذ متى كان الجنوب يعجبكم، والجميع عرفكم أنكم "أدوات محلية لنظام صنعاء".
جريمة العند جريمة ضد الإنسانية، لأن دعاة "اليمن الكبير ووحدة الحوثيين"، يرونها معركة في سياق حرب تفتيت الجيش الجنوبي الذي بدأ يتشكل، لكنها جريمة إنسانية استخدمت فيها أسلحة محرمة دولياً، أسلحة فسفورية وطيران مسير تركي وإيراني، أطلق من "قواعد تعز المشتركة"، تلك القواعد التي لا تصدر نحو الجنوب غير الموت والدمار.
ماذا بعد جريمة قاعدة العند؟ هل علينا الانتظار لمجزرة أخرى؟ وأي يمن كبير يمكن لذي أخلاق وضمير حي أن يتحدث عنها بعد كل هذه الصور المخيفة لمجزرة ترقى إلى جرائم الحرب.
لوجه الله.. إلى تلك الأدوات التي ارتضت أن تكون رخيصة، كفوا عن قتل الجنوبيين واليمنيين باسم "اليمن الكبير"، اليمن الذي أصبح قزماً لا يقبل إلا بالفكر الحوثي والإخواني فقط.
والله المنتقم.
---------------------------------
نشر في صحيفة الايام المحلية الصادرة في عدن